محسن طاحون يكتب: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ
المصريين بالخارجفي استراحة الجمعة
( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) (الرحمن-٦٠)
إن من خاف مقام الله عز و جل فأحسن فى الدنيا عَمله، وأطاع ربه، نال إحسانه في الآخرة.
والإحسان من أحب الفضائل وله منزلة سامية في الإسلام وللمحسنين أجر وثواب عظيم ، وهناك جوانب، وصور عديدة للإحسان أهمها الإحسان في أداء العبادات، والأعمال، وفي التعامل مع الناس عامة سواء في التعامل مع الوالدين أو اقارب او جيران او زملاء عمل او اصدقاء أو الايتام و غيرهم
وقد أمرنا المولى عزوجل بالإحسان في كتابه العزيز ،فقال تعالي: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (النحل - ٩٠ )
وهذه حكاية من الواقع .. ففي يوم من الايام تعطلت سيارة امرأة ثرية علي طريق سريع وحاولت طلب مساعدة السيارات المارة و لكن لم يتوقف لها أحد، بعد وقت قليل بدأ رذاذ المطر وخشيت المرأة حلول الظلام بها، وفجأة توقفت سيارة قديمة يقودها شاب وقد كان يظهر عليه علامات الفقر ، و للحظة خشيت في نفسها أن يطمع فيها حيث كان يبدو عليها انها ثرية ، ولكنها لم تجد امامها مفراً من طلب المساعدة من الشاب والصعود معه الي السيارة حتي ينقلها الي مكان آخر .
في الطريق سألت الشاب عن اسمه وعمله فأخبرها الشاب ان اسمه آدم وانه يعمل سائق اجرة، فاطمأنت المرأة نوعاً ما و كان الشاب لطيفا و غاية في الادب معها و لم ينظر اليها حتي وصلت الي وجهتها وضمرت السيدة في نفسها انها سوف تعطيه كل ما يطلبه من الاجرة، وعندما وصلت الي المكان الذي تريده طلبت النزول فتوقف الشاب.
سألته مباشرة : كم حسابك ؟ فأجابها الشاب في بساطة : لا شيء !!
فقالت المرأة : لا يمكن أن تساعدني وتقوم بإيصالي دون أن تأخذ لاجر،
فقال لها الشاب : أجرتي ان تفعلي الخير مع من تجديه ..
انصرفت المرأة مذهولة لا تصدق كرم هذا الشاب وحسن خلقه، استمرت في طريقها حتي وقفت امام مقهي ، فدخلت وطلبت من النادلة أن تحضر لها فنجاناً من القهوة، أتت النادلة بالقهوة فلفت نظر المرأة الثرية شحوب وجه العاملة وكبر بطنها فسألتها عن السبب قائلة : أراك متعبة يا بنتي، ماذا بك ؟
فقالت الفتاة : إني علي وشك الولادة،
قالت المرأة : ولماذا لا ترتاحين في منزلك بدلاً من الذهاب الي العمل وانت بهذه الحالة ؟
قالت العاملة : انني احاول أن اوفر ما يكفي حاجة ولادتي .
ثم ابتعدت العاملة وذهبت الي المحاسب حتي تأتي بالمبلغ الباقي من حساب المراة التي كانت قد اعطتها مبلغ ورقة نقدية تساوي قيمة عشرة اضعاف القهوة،
إلا ان النادلة عندما عادت لم تجد المرأة، بحثت عنها دون جدوي، لكنها وجدت ورقة على الطاولة و عندما فرأت ما هو مكتوب بالورقة وجدت عليها هذه العبارة :
وتركت لك ايضاً ما تحت مفرش الطاولة هدية لمولودك .
كادت النادلة ان تصرخ من السعادة وهي تري مبلغ كبير يساوي 6 اضعاف راتبها الشهري تحت الطاولة، لم تتمالك دموعها من الفرح، استاذنت من عملها وسابقت الريح وهي مشتاقه للعودة الي منزلها.
واخبار زوجها بما حدث معها .
دخلت المنزل مسرعة تنادي زوجها الذي تعجب من عودتها مبكرة،
احتضنته المرأة بشوق وهي تقول : ابشر يا آدم
قد فرجها الله علينا وأكرمنا .
الحكمة المستفادة من هذه الحكاية :
الخير سيعود إليك حتما فلا تتردد في فعل الخبر بل افعله وتذكر دائماً قول الله تعالي :
{هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} .
وتذكر ايضا ان الحياة أخذ وعطاء وتتحقق الانانية عندما تأخذ فقط ولا تفكر في الرد والعطاء لمن أحسنوا إليك .
وتذكر ان من يحتاج إليك اليوم .. قد تحتاج إليه ايضا في يوم من الايام .
فحافظ على فضيلة الاحسان بينكم ..و اعلم ان الدنيا لها ليل و نهار .. و كذلك هي معك و لك في وقت ما .
وقد تكون مع غيرك وعليك في وقت آخر فلا تغرنك الدنيا و تنسى الفضل و الاحسان بينك و بين عباد الرحمان .
وتذكروا أن الله تعالى أعطى على الإحسان ما لم يعط على غيره فقال تعالى :
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }. يونس - ٢٦