محسن طاحون يكتب في إستراحة الجمعة.. سألوني عن أخلاق هذا الزمان
المصريين بالخارجكتب/ محسن طاحون
لا يخفى على أحد إنحدارالمنظومة الأخلاقية في نفوس الكثيرين إلا ما رحم ربي و تراجع أغلب الناس معنويا وروحيا في كل شيء له ارتباط بالضمير والحس الإنساني.
ويعود ذلك إلى سيل المغريات المادية التي يدوسون المباديء بأقدامهم وإلى ضعف الإيمان و التغافل عن حساب الآخرة.
والأنانية الطاغية عند الكثيرين فلم يعد الإنسان يحب لأخيه ما يحبه لنفسه وغياب التربية الحسنةو إندثار العادات و التقاليد الحميدة والانغماس في حب المظاهر وتحقيق المنافع الشخصية بدون أي حس إنساني وتقلب الظروف الاقتصادية و عوامل أخرى.
وهناك صور عديدة توضح إنفصال الكثير من الناس عن الأخلاق الإنسانية النبيلة في هذا الزمن الذي شاع فيه الزيف في كل شيء ..
بالرغم من أنهم اليوم أصبحوا أكثر تفاخرا وتغنيا بالأخلاق التي يزعمون التحلي بها و طبعا هذا ظاهريا..
لكن في أعماقهم لا أثر لوجودها تماما وهذا ما يدل على عدم التوافق النفسي و يفسر الإنحدار الأخلاقي عندهم.
فما يهمهم هو إظهار الصورة التي يريدون أن يراها الآخرون عليهم على أنها واقعهم مع أن صورة أخلاقهم الحقيقية مشوهة ومعطوبة..
إن الأخلاق الحقيقية تطبع الإنسان بطابع قيمي فعال يبعد عنه المادية و الحيوانية و الأنانية التي تضغط عليه باستمرار بفعل غرائزيته وشهوانيته ..
وكلما كانت منظومة الأنسان الأخلاقية متماسكة تحقق الانسجام بين واقعه الظاهر والباطن
و تأتي الممارسة الفعلية في عالم الماديات لتكون الإختبار الحقيقي الذي يثبت جودتها وصمودها ..
لأن من السهل على أي إنسان أن يدعي تمثله لمنظومة أخلاق قوية وينزه بذلك قيمه الأخلاقية تنزيها كاملا على المستوى التنظيري، لكن من الصعب جدا أن يكون ادعاؤه مطابقا لواقع تصرفاته الحقيقية.
لذا على كل واحد منا أن يراجع نفسه
للوقوف على مدى حقيقة الأخلاق التي يحملهاومدى صدقها وثباتهاو مدى اقترانها بالمظاهر والجوانب المادية والمصلحية وغيرها من المتغيرات الزائلةوأن يكون جريئا معها في تحديد طبيعة أخلاقه، ليصبح قادرا على أن يبين لها تبعات اختياراته الأخلاقية عليه وعلى من حوله، ابتداء من محيطيه الشخصي الضيق وانتهاء بمحيطه المجتمعي الأوسع.
و من المهم بمكان أن يتعرف على سلبياتها، ويحدد مكامن خللها لإصلاحها لتصبح متوافقة مع سلوكياته وتصرفاته الخفية والظاهرة.
وينبغي أن يتذكر الإنسان دائما على أن الخسائر المادية قابلة للتعويض مهما كان حجمها،
في حين أن الخسائر الأخلاقية
لا يمكن تعويضها أبدا وإن كان أثرها على الأمد القريب ضعيفا.
إن حسن الخلق يستميل القلوب ولا يتطلب بذل مال ولا إجهاد نفس، و ما هو إلا طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذي عن غيرك من الناس .