في استراحة الجمعة محسن طاحون يكتب عن ”كبار السن”
محسن طاحون المصريين بالخارجذات يوم كنت مار بساحة انتظار داخل مستشفى و كان المكان ممتلىء بالمراجعين و كان بينهم رجل مسن يمسك في يده أوراق و يتوكأ على عصا و واقف ينتظر دوره ليدخل على الطبيب .. و وقعت عيني على شاب جالس يلهو بجواله .. وضع مقلوب و صورة تتكرر كثيراً في أيامنا هذه .. و في اماكن عديدة ..
و هنا اذكر كلام رسولنا الكريم .. فعندما دخل رسول الله صَلَّ الله عليه وسلم، مكة واطمأن وجلس في المسجد، أتاه أبو بكر بِأَبِي قُحَافة و كان رجل مسن ..
فلما رآه رسول الله صَلَّ الله عليه وسلم، قال:
"يا أبا بكر، ألا تركتَ الشيخ حتى أكون أنا الذي أمشي إليه؟" .. ثم دعاه الرسول صلَّ الله عليه و سلم للاسلام فأسلم ..
و في موقف آخر جاء شيخٌ يريد الرسول صلَّ الله عليه و سلم .. فأبطأ القوم عنه فقال وسعوا له ..
و قال رسول الله صَلَّ: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا . " حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي
و قالَ رسولُ اللَّه صلَّ الله عليه و سلم :
إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرآنِ غَيْرِ الْغَالي فِيهِ والجَافي عَنْهُ، وإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ حديثٌ حسنٌ، رواه أَبُو داود.
هذا هو خُلق رسولنا الكريم صَلَّ الله عليه و سلم فهو يعلمنا أن الكبير له حق بالتوقير والاحترام والإجلال والتقديم على غيره من الناس .. لشيبته في الإسلام ..
وتقدم سنه .. وضعفه وما أشبه ذلك ..
فإذا كان الإنسان لا يراعي للكبير حقه
فإن ذلك يدل على تربية ضعيفة هشة سيئة..
و يجدر بنا انزال الناسَ منازلهم، ولا نجعلهم على حدٍّ سواء في إكرامهم وتقديرهم ..
بل على حسب مراتبهم في الدِّين.
ومراتبهم في كبر السن ..
فالشيخ كبير السن له حقّه، والوالد له حقّه، والأخ الكبير له حقّه، والجار له حقّه، وهكذا، فكلّ إنسانٍ يُعْطَى حقَّه المناسب له بحسب ما جاءت به الشريعة.
و لا يفوتنا أن نؤكد على وجوب الإِحسان إلى الوالدين ، حيث إنهما هما السبب المباشر لوجود الإِنسان فى هذه الحياة ، وهما اللذان لقيا ما لقيا من متاعب من أجل راحة أولادهما ، فيجب أن يقابل ما فعلاه بالشكر والاعتراف بالجميل و البر بهما و توقيرهم ..
وقد جاء في كتاب الله المقدس وصية بأسلوب الأمر بالواجب المطلوب ، وهو الإِحسان إلى الوالدين و عدم الاساءة اليهم حتى و لو بالتأفف و عدم رفع الصوت عندهم و مراعاة أحوالهم و الدعاء لهم و منحهم العطف و الحنان و رعايتهم على أكمل وجه .. و محاولة إدخال السرور على قلوبهم ..
فقال تعالي :
( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً .
وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّيانى صَغيرًا (الاسراء : ٢٤)
أوامر واضحة وصريحة و بليغه يا ساده ..
فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم الأخلاق الكريمة ..
وأن يدلنا على الخير، وأن يأخذ بأيدينا ويلطف بنا.
و علموا أولادكم منذ نعومة أظافرهم كيف يحترمون الكبار .. و كيف يتحدثون اليهم ..