×
10 رمضان 1445
19 مارس 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

مستقبل مصر الاقتصادي في إطار التحديات الراهنة

المصريين بالخارج

انشغل غالبية الشعب المصرى بالحديث عن الشأن السياسى ومستقبل مصر السياسى ، وأغفلوا الشأن الاقتصادى .

لهذا خصصنا هذا المقال لتناول مستقبل مصر الاقتصادى فى اطار التحديات الراهنة.

في عالم اليوم ، تحاول كل دولة - بغض التظر عن تقدمها او تخلفها - ان تسلك طريقا تلتمس فيه واحد او اكثر من عناصر قوة الدولة بما يضمن لها توفير اسباب الامن القومي .

وتعد القوة الاقتصادية من اهم عناصر قوة الدولة في عالم اليوم في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة وفي ظل الازمة الاقتصادية العالمية الراهنة .

إقتصادياً، يعاني الإقتصاد المصري من أزمة خطيرة، ويحتاج إلى مساعدة الدول الأخرى، وقبلها دوران عجلة الإنتاج .

مخطئ من يظن أن الأوضاع الاقتصادية سوف تتحسن في المستقبل القريب في مصر، بالعكس، مصر ينتظرها فترة زمنية عصيبة؛ حتى تستطيع أن ترفع من قدرة اقتصادها على النمو، وتعيد توجيه مواردها بصورة صحيحة لرفع قدرة الاقتصاد على التكيف مع التحديات الراهنة .

ان الاقتصاد المصرى يعانى من عدة اختلالات هيكلية أبرزها:

1- وجود اختلال بين الانتاج والاستهلاك ، حيث يزيد الاستهلاك عن الانتاج ، مما يعني ان هناك فجوة في الانتاج .

2- وجود اختلال بين الصادرات والواردات ، حيث تزيد الواردات عن الصادرات. مما يعني وجود عجز في الميزان التجاري

3- وجود اختلال بين الادخار والاستثمار، حيث تقل المدخرات الوطنية عن الاستثمار المطلوب.

مما يعني وجود فجوة في الادخار

4- وجود اختلال بين ايرادات الدولة ونفقاتها، حيث تزيد نفقات الدولة عن ايراداتها ، مما يعني وجود عجز في الموازنة العامة .

لقد أوضحت الفترة السابقة مدى هشاشة الأساس الذي يقوم عليه الاقتصاد المصري، والامر الغريب ان التقارير التي أصدرت عن النمو الاقتصادي في مصر، سواء المحلية أو الدولية، جميعها كانت مضللة، حيث كانت تركز على الإشادة بمعدلات النمو من الناحية المطلقة، دون أن تتطرق إلى أمرين في غاية الأهمية؛ الامر الأول : هو مصادر هذا النمو، والتي كانت للأسف الشديد مصادر نمو هامشية أو ريعية، في الوقت الذي كانت تتراجع فيه القاعدة الإنتاجية، سواء الصناعية أو الزراعية للاقتصاد المصري على نحو واضح، الأمر الذي انعكس في العجز الهائل في الميزان التجاري المصري .

والأمر الثاني : وهو توزيع هذا النمو، أو بالأحرى من استفاد من هذا النمو؟ وكيف تم توزيع هذا العائد بين أفراد المجتمع ؟

وقد اعترف مدير صندوق النقد الدولي بأن تقارير الصندوق عن النمو الاقتصادي في مصر لم تكن دقيقة؛ لأنها ركزت على معدلات النمو من الناحية المطلقة، دون أن تأخذ في الاعتبار معايير التوزيع أو اعتبارات العدالة الناجمة عن هذا النمو.

حيث كان يقال أن معدل النمو الاقتصادى قد وصل الى

7.% سنويا، استنادا الى أن معدل النو الاقتصادى يقاس بأنه هو معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى . وهذا خطأ فادح ، حيث أن معدل النمو الاقتصادى الحقيقى هو معدل النمو فى الناتج المحلى الاجمالى مطروحا منه معدل النمو السكانى.هذا ، فضلا عن أن هذا المعدل ( 7 % ) تبلغه الاقتصاديات المتقدمة بجهد كبير، فى حين تبلغه الاقتصاديات النامية - ومنها مصر- بتصريح مسئول.

تكمن مشكلة صانع السياسة الاقتصادية في مصر خلال الفترة الماضية أنه اهتم بأنشطة ريعية وطفيلية، وأهمل القاعدة الإنتاجية الحقيقية للاقتصاد المصري، بحيث أصبحت مصر تفتقد حاليا إلى قاعدة صناعية قوية ومتسعة على النحو المناسب، فقد وجه النظام جل اهتمامه إلى القطاعات الخدمية، بصفة خاصة القطاع السياحي، كما شجعت الحكومة مؤخرا الاستثمار العقاري الذي اجتذب اموال المودعين ورجال الاعمال والمستثمرين ، مما ادي الي ازمة في السيولة النقدية .

فتم الاهتمام بالشواطئ والمنتجعات في الوقت الذي تستورد فيه مصر جانبا كبيرا من السلع الاستهلاكية والآلات والمعدات والغذاء.

ان التحديات الاقتصادية الراهنة يمكن اجمالها في اربع تحديات هي :

التحدي الاول : الضغوط التضخمية :

-------------------------

في رأيي أن أول وأهم التحديات التي ستواجه مصر هي الضغوط التضخمية المتوقع أن تتعمق بصورة كبيرة في المرحلة القادمة خاصة بعد اتجاه البنك الفيدرالي الامريكي الي رفع سعر الفائدة خلال العام الحالي نحو اربع مرات ، مما يعني أن محاربة التضخم في هذا التوقيت بالذات سوف تكون مهمة في غاية الصعوبة؛ وذلك نظرا للمناخ الدولي غير الموائم حاليا، حيث ترتفع أسعار الفائدة عالميا كما ترتفع اسعار الغذاء بصورة مثيرة للقلق، وكدولة تعتمد بصورة واضحة على استيراد الغذاء من الخارج، تحتاج مصر إلى أن تحاول أن تنتج غذاءها بنفسها، وهي مهمة سوف تتطلب تعديلا جوهريا في الاستراتيجية الزراعية التي تطبقها مصر حاليا، بالتوسع في مساحة الاراضي المخصصة للزراعة .

من ناحية أخرى، ربما يكون من المهم بالنسبة للحكومة الحالية والحكومات القادمة أن تركز على محاربة الضغوط التضخمية، بدلا من الاهتمام علي رفع مستويات الدخول، حتى يمكن أن ترفع من القوة الشرائية للمواطن، بصفة خاصة ذوو الدخول المحدودة والثابتة واصحاب المعاشات ، وهم أكثر الفئات عرضة للتأثيرات السلبية التضخم.

التحدي الثاني : ارتفاع معدلات البطالة :

----- --------------------------

ثاني أخطر التحديات التي ستواجه مصر في المستقبل هي ارتفاع معدلات البطالة، حيث إن استقرار مصر الاقتصادي سوف يتطلب ضرورة خلق عدد كاف من الوظائف المنتجة للملايين من العاطلين عن العمل حاليا وللداخلين الجدد إلى سوق العمل.

ان عدد كبير من الداخلين الجدد لسوق العمل من كافة المصادر يقضون حاليا فترات طويلة في حالة بطالة بحثا عن العمل الذي لا يجدونه في كثير من الأحيان، وأمام هذه الضغوط يضطر الكثير من الشباب إما إلى الهجرة إلى الخارج أو قبول وظائف لا تتماشى مع مؤهلاتهم ومهاراتهم، وهو ما يمثل هدرا للموارد التي أنفقت على تأهيلهم.

المشكلة التي يواجهها صانع السياسة في مصر هي أن نسبة صغار السن تعد مرتفعة للغاية، وعاما بعد آخر ترتفع أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وكل عملية خلق لوظيفة إضافية تقتضي ضرورة القيام بإنفاق استثماري يعتمد على ما يطلق عليه في الاقتصاد بالمعامل الحدي لرأس المال/العمل، أي مستوى الإنفاق الرأسمالي اللازم لخلق وظيفة إضافية.

وأخذا في الاعتبار المستويات الحالية للبطالة فإن التعامل مع مشكلة البطالة في المستقبل سوف يتطلب ضرورة القيام باستثمارات ضخمة تتجاوز إمكانيات الاقتصاد المصري حاليا.

من ناحية أخرى، فإن معالجة مشكلة البطالة سوف تقتضي من مصر ضرورة تبني استراتيجيات نمو وتصنيع مختلفة، وتعتمد أساسا على وفرة عنصر العمل؛ حتى تتمكن من التعامل مع الأعداد الكبيرة الداخلة لسوق العمل، ولتستفيد من الميزة النسبية التي يتيحها هذا الوضع حاليا في الاقتصاد المصري والمتمثل في الانخفاض الكبير لتكلفة عنصر العمل.

مصر إذن تحتاج إلى تبني استراتيجيات صناعية تحاكي تلك التي تبنتها الصين، لكي تواجه الضغوط التي يعاني منها سوق العمل، والتي تلعب فيها تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر دورا حيويا، ولتحقيق ذلك تحتاج مصر إلى تقديم مجموعة مكثفة من الحوافز أمام الاستثمار الأجنبي، ولكن في المجالات الإنتاجية، التي توسع القاعدة الصناعية للاقتصاد المصري؛ استنادا إلى مواردها المحلية وطاقتها البشرية الكبيرة، وفي ذات الوقت مقاومة الأنشطة الطفيلية التي تدر الأموال الطائلة على من يقومون بها دون أن تضيف نموا حقيقا في البلد، بصفة خاصة أنشطة المضاربات على الأراضي والعقارات والأسهم.

التحدي الثالث : كيفية التعامل مع القيود المالية التي تواجهها :

-------------------------------

ان التحدي الثالث الذي يواجه مصر هو كيفية التعامل مع القيود المالية التي تواجهها، بصفة خاصة عجز موازنتها العامة، والذي يصل في بعض الأحيان إلى نسبة 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة مرتفعة جدا، وتعني أن النمو الحالي في الدين العام لن يكون مستداما في مصر. هذا العجز للأسف الشديد مرشح للارتفاع بصورة واضحة في الفترة القادمة ، وذلك قبل أن تعمل مصر على رفع إيراداتها العامة وترشيد نفقاتها بهدف السيطرة على ميزانيتها العامة.

ان مصر في حاجة إلى تعديل هيكلها الضريبي ليكون أكثر عدالة من جانب، ويعمل على تشجيع الاستثمار في المجالات المنتجة من جانب آخر، وفي جميع الأحوال يجب أن يتم فرض ضرائب مرتفعة على المعاملات في الأنشطة التي تتسم بالمضاربة، حتى تحصل الدولة على حقها في النمو الذي يحدث في القيمة الرأسمالية للأصول التي تولد دخولا طفيلية، بدلا من أن تذهب بالكامل إلى المضاربين بغض النظر عن جنسيتهم.

مصر في حاجة أيضا إلى رفع درجة سيولتها الدولية اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهذا يقتضي ضرورة سعي السلطات لدى الجهات المقرضة من أجل إعفاء مصر من جانب من ديونها القائمة، أو على الأقل تأجيل عمليات السداد، أو إعادة هيكلة هذه الديون على أساس شروط أفضل .

كما أن عملية رفع مستويات السيولة الدولية حاليا من خلال الاقتراض سوف تكون أمرا مكلفا للغاية؛ وذلك نظرا لارتفاع الهامش الذي يطلبه المستثمرون لإقراض الدولة في مثل هذه الظروف، خصوصا أن احتياجات مصر للاقتراض سوف تكون مرتفعة.

التحدي الرابع : مواجهة الذي يواجه مصر هو كيف تكسب الفساد الاداري :

----------------------------

ان التحدي الرابع هو معركة محاربة الفساد المستشري بصورة عميقة في كافة أرجاء الجهاز الإداري للدولة، وهذا لن يتم قبل تعديل التشريعات القانونية الخاصة بأنشطة الفساد والضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين، وتكوين أجهزة مستقلة وفعالة للتعامل مع الفساد، وقوة خاصة بمكافحة الفساد. كذلك فإن جميع ملفات الفساد لا بد وأن تفتح، وأن يتم التعامل معها بصرامة، وبغض النظر عن شخصية من يشتبه في قيامه بممارسة الفساد، على سبيل المثال ملف أراضي الصحراء لا بد وأن يفتح وأن تتأكد الدولة من أن الأراضي المخصصة وجهت إلى الأغراض التي تم تخصيصها نحوها في الأساس، وأن تتوقف الدولة عن بيع الأراضي المخصصة، بحيث يتم تخصص الأراضي للاستثمار مع استمرار ملكية الدولة لها، وأن تفرق الدولة بين الجادين الذين يزرعون تلك الأراضي بالفعل، وبين غيرهم الذين يضاربون على رمال الصحراء لكي يحققوا المليارات جراء ذلك.

وأخيرا من المؤكد أن مصر مقدمة على فترة حرجة جدا، وأنها تحتاج إلى حكومة من نوع خاص للتعامل معها، حكومة مبدعين يدركون مفاهيم التنافسية والنمو المنتج والاستثمار الفعال بشكل سليم، مستفيدين من التجارب الدولية الكثيفة في هذا الجانب؛ لكي تعبر بمصر إلى بر الأمان بإذن الله تعالى.

بقلم د/ محمد حجازى شريف

أكاديمى ومحلل سياسى

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الثلاثاء 09:33 صـ
10 رمضان 1445 هـ 19 مارس 2024 م
مصر
الفجر 04:33
الشروق 06:00
الظهر 12:03
العصر 15:30
المغرب 18:06
العشاء 19:23