×
17 شوال 1445
25 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

مذكرات مهاجر مجهول .. الجزء الثاني ”22” .. الغجر 2

المصريين بالخارج

أشرف علي يعقوب

الغجر في اوروبا الشرقية و إيطاليا في الغالبية مسيحيون اورثوذوكس و لكن فيهم أيضا مسلمين.

صديقي ماوريتسيو أو "عبد الرزاق" كان يعمل كمندوب شركة ادوية و هو من اصل صقلي و هاجر هو و زوجته إلى تريفيزو لعدم وجود عمل لهما في جزيرتهم الجميلة. كان يأتي الى زيارتي غباً لعرض ادويته عليّ و اصبحنا اصدقاء سريعاً و كأننا نعرف بعضنا منذ سنين طويلة. و في يوم قال لي:" سأعترف لك بسر كبير و لكن عدني ألّا تقول لأحد". تعجبت و لكني قلت له:"قل بحرية، سرك في بير". قال:"انا تحولت للإسلام، انا أصبحت مسلم مثلك ". دهشت و قلت له:"أهلا بك في امة الإسلام، و لكن قل لي كيف تعرفت على الإسلام؟".

قال:" سأحكي لك على فنجان قهوة بعد وقفة الغداء". و فعلا تقابلنا في البار المقابل لمستشفى مونتيبللونا. قال:"عدني الّا تظن اني مجنون". قلت؛"حاشا لله". قال:"سأحكي لك ما حدث بالضبط، كنت في رحلة مع زوجتي بالسيارة و كنا نمر في طريق عودتنا من اليونان بالقرب من مدينة موستار في البوسنة ، و فجأةً وجدت في نفسي قوة قهرية تدفعني للخروج من طريقنا الى طريق جانبي فخرجت و كأني مسحور بفعل ساحر. كانت زوجتي شبه نائمة فلم تشعر بتغير الطريق. وصلت لتقاطع آخر و وجدت نفسي و انا اتجه الى اليمين و انت لا ادري لماذا. و هكذا مررت بعدة تقاطعات و انا اتبع تلك القوة الدافعة التي تقودني في ارض لم اطرقها من قبل. و أخيرا وجدت نفسي و انا ادخل في ممر ضيق غير مرصوف يتلوى بين الاشجار العالية. و وصلت في آخر الممر الى بقعة خالية من الأشجار في وسطها كوخ صغير خشبي له سقف منحدر من صفيح أسود تخرج منه مدخنة صغيرة رمادية اللون يخرج منها دخان أسود نحيل. نظرت حول المكان و ناحية الكوخ الذى خرج من بابه الخشبي المنخفض الكحلي اللون رجل متقدم في العمر نحيف القوام و يلبس قميص اسود غير مكوي و بنطلون رصاصي كالح اللون أكل عليه الدهر و شرب، و تقدم بهدوء و على وجهه ابتسامة براقة ناحية السيارة حتى وصل الى جانب الشباك من جهتي. أشار اليّ بإنزال زجاج الشباك و قال لي "اهلاً يا ماوريتسيو ، كنت أنتظرك". ذهلت، و لم اجد تفسيراً لكونه يعرف اسمي و لم نكن قد تقابلنا من قبل أبداً. كان يكلمني بلغة إيطالية صحيحة و دعاني للدخول لبيته انا و زوجتي التي كانت قد استيقظت بكامل وعيها على اصوات حديثنا. دخلنا الكوخ الصغير و نحن في ذهول تام.

جلسنا في الصالون القديم البني اللون و قال هل تحبون الشاي، قلنا نعم فبدأ في عمل الشاي لنا في ركن المطبخ و هو صامت. نظرت لي زوجتي و على وجهها ملامح من الاستغراب و الرعب، و اشارت لي"فلنهرب"، قلت لها برقة:"انتظري قليلا".

عاد الرجل و وضع امامنا اكواب الشاي و سأل عن السكر، ثم وضعه و نظر اليّ قائلاً:" طبعا انتم في دهشة من لقاءنا هذا و لكني سأشرح لكم. لعلك سمعت عن الاسلام و الصوفية؟" قلت :"عن الاسلام نعم و لكن ما هية الصوفية هذه؟". قال :" اسمع يا ماوريتسيو ، لقد لاحظتك من زمن طويل و رأيتك عدة مرات في رؤياتي، و انا كُلّفت أن اخبرك عن نفسك التي لا تعرفها". قلت له:" انا اعرف نفسي جيدًا". قال:"ستعرفها عن حقٍ الآن".

ثم شرح لي ببساطة مذهلة أن اسمي الحقيقي هو "عبد الرزاق" و انني من نسل الرسول العظيم محمد صلي الله عليه و سلم، و ان مجئي له كان مقرراً منذ وقت طويل، و انه صاحبني في السيارة حتى أصل اليه في كوخه هذا. عرفني انه قد ولد في مجموعة من غجر يوغوسلافيا مسلمي الديانة، و انه اتخذ طريق التصوف منذ شبابه الأول، و سار في طريق الصالحين و ترقى في الاحوال و المقامات و انه أصبح من أقطاب الصوفية و من الذين يسمونهم "الصالحين المجهولين". قال:"شعروا انك في حيرة يا عبد الرزاق، و عندما عرفوا انك ستمر من هنا، بالقرب مني، كلفوني أن اقابلك، و اعرفك بنفسك".

و ظللت معه حوالي الثلاث ساعات و هو يشرح لي عن الإسلام و شعائره و قرأ لي آيات من القرآن، بل و جعلني أحفظ بسهولة آخر آيتين من سورة البقرة رغم أني لا أعرف كلمة واحدة من اللغة العربية، و بعد أن أنطقني الشهادتين أحسست انني في راحة نفسية كاملة و شعرت كأني قد ولدت من جديد. رجعت لبيتي في تريفيزو و انا إنسان جديد سعيد، اصلي فرضا بفرضه، و اتعلم اللغة العربية و أقرأ القرآن كل يوم، و لكن للأسف زوجتي ما زالت تفكر حتى الآن في التحول للإسلام. و قال لي انه طوال حياته لم يكن يجد نفسه في الديانة الكاثوليكية ، و حتى قسيس بلدهم في صقلية كان قد غضب عليه و اتهمه بالكفر.

قلت له:"أنا سعيد جداً بما قصصت عليّ يا عبد الرزاق، و انا أحسست من أول مقابلة معك انك انسان ذو قيمة عالية، و انا الآن و قد عرفت أن لك قرابة من نسل رسولنا العظيم اعتبر أنك إنسان مبارك و طاهر". و فعلا كان عبد الرزاق صبيح الوجه، ذو ابتسامة ملائكية ، و كان وجهه يشع بنور و بركة، و قلت في نفسي اذا كان للاولياء مظهر محدد فهذا هو مظهر عبد الرزاق، و لا عجب اذا كان فعلا من نسل محمد صلى الله عليه و سلم، و كان اجداده من العرب الذين قدموا و عاشوا حوالي القرنين من الزمان في صقلية.

قال إنه يخفي دينه لأنه يريد أن يكون من "الصالحين المجهولين " و زوجته هي الوحيدة التي تعرف أنه اسلم.

أمًا "ماريا" فكانت امرأة عجوز من غجر الروما دخلت مستشفى مونتيبللونا و من سوء حظي وضعت تحت عنايتي. كان تعاني من العديد من الأمراض المزمنة و تعيش مع العديد من أولادها و احفادها في معسكر كامبر خارج مدينة مونتيبللونا.

و بعد أن عالجتها و عاملتها أحسن العلاج و ألطف المعاملة اردت أن ارسلها لمقر سكنها بعد أن استقرت حالتها. رفضت و قالت لي انها ستموت قريباً و لا تريد أن تموت في منزلها. و من المعروف عند الغجر انه اذا مات أحد منهم في منزله فلا يجب أن يسكن فيه أحد بعد ذلك، و عليهم بيع البيت أو حتى هجره تماماً.

كان من الصعب ابقاءها في المستشفى حتى تموت، خاصة ان حالتها تحسنت كثيراً و لم تكن تحتاج للبقاء في مستشفى ، بل كان في ذلك خطورة على صحتها لتعرضها المستمر للاصابة بأي عدوى من مريضة اخرى. اصررت على خروجها فرفضت بشدة و تفوهت بكلمات لم اقبلها و بتهديدات لم أصدقها، فقلت لها:" إن لم تخرجي فسأتصل بالشرطة لإجبارك على ترك المستشفى.

و أخيراً خرجت مع اهلها و هي تبرطم بأشنع الالفاظ و هم يهددوني انهم في حالة موتها في البيت فسوف يرجعون اليّ و ينسونني اسمي و يدمرون بيتي و يحرقون سيارتي.

و لكنها عادت في اليوم التالي للمستشفى بحجة انها لم تشف و أن اعراضها لم تخف و انها ستموت عاجلاً. و ادخلوها عندي للمرة الثانية. كانت مفاجأة سيئة بالنسبة لي خاصة انها كانت في أحسن حال. بقيت عدة أيام و هي في حالة جيدة و مستقرة و لم تكن حقيقةً في حاجة للبقاء في المستشفى. و تسببت في غضب و توتر الممرضات و المساعدات بسبب طول لسانها و الفاظها الوقحة. و قررت اخراجها من المستشفى مرة اخرى، فهاجت و ماجت و رفضت بشدة، و هددتني بكل المصائب و البلاوي العاجلة، و اتهمتني انني اعاملها بهذة الطريقة لأنها "كاثوليكية" و انا مسلم، و بأنني عنصري و اكره الغجر و دعت علي "بدخول السجن". و لكنها في النهاية خرجت وسط زفة من أهلها و هم يهددون و يتوعدون.

مرت شهور لم اسمع عنها شيئاً و ارتحت انها لم ترجع الي قسمي، و املت ان تكون قد انتقلت لمدينة اخرى كما يفعل عادةً الغجر.

و في ليلة كنت فيها نوبطشي طلبوني من قسم الباطنة في المستشفى القديم و كان عليّ في هذه الحالات أن آخذ سيارتي و اذهب لهذا المستشفى القديم الذي يبعد حوالي عشرة دقائق بالسيارة. وصلت و ركنت السيارة و كنا في يوليو و الجو حار جدا و رطب بطريقة مؤلمة. صعدت سلالم المستشفى العتيق و بينما كنت ادخل من الباب الكبير أحسست بدفقة ريح باردة تلفحني بغضب و كأنها تستهدفني انا بالذات فلم تكن تؤثر في الستائر و لا في الأوراق الموجودة على مكتب الاستقبال و لا ملابس الآخرين. انا فقط احسست بهذه الرعشة المجمدة المخيفة. و دخلت القسم فقالوا لي أن المريضة التي كلموني من أجلها و التي كانوا حول سريرها قد ماتت من ثواني. نظرت للمريضة الميتة على السرير و كانت عيناها ما زالت مفتوحة و كأنها تنظر لي في غضب. و عرفتها، كانت "ماريا" الغجرية.

قلت في نفسي:" يالها من لعينة، لقد مرت روحها الغاضبة بجسدي عندما كنت ادخل من الباب". و خرجت من المستشفى بعد كتابة شهادة الوفاة ، و انا ارتجف من الرعب و كل جسمي بارد رغم الحر الشديد.

مذكرات مهاجر مجهول الجزء الثاني 22 الغجر 2

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الخميس 09:45 مـ
17 شوال 1445 هـ 25 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:44
الشروق 05:18
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:28
العشاء 19:51