وحين يخذلك الناس يبقى
م.أشرف الكرم المصريين بالخارجوحين يخذلك الناسُ يبقى
يقع الكثير منا في إشكالية الصدمات النفسية, والانكسار بل والإحباط أحيانًا من ردود فعل البعض من حولنا, ونستشعر حينها الحسرة والألم, والحزن على ما قمنا به نحو هذا البعض من الناس, وقد يكونوا من أقرب أقربائنا أو من أعز من نظن فيهم حسن الظنون.
فهذا الذي يعقد معك اتفاقًا مؤثرًا, وتتفق على إثره بترتيباتٍ تنبني على ذلك التعاقد الأخوي, تحت مظلة الثقة التي تربطك به, ثم تجده يتنصل مما اتفق عليه رغم التأكيدات والكلمات المؤكَدَة.
وآخر تتعلق به تحت رباط الصلات التي تربطك معه’ بما له من تاريخٍ طويل في تعاملٍ وتواصل بينكما, ما يجعلك لا تشك في أنه سيمضي في ما تتطلبه منه, ثم حين ترجوه لا تجده.
وكثيرين ممن تتوقع منهم الكثير دونما تفكير, حيث أنت الذي قمت معهم بعطاءات جزيلة ولم يكن في حسبانك معها أن لا تجدهم وقت أن الضيق والشدائد.
إلى غير ذلك ممن يعِدُونك بأن تأخذ الخطوات في أمورٍ قد لا تكون في ذهنك حين يشجعونك على المضي فيها, تحت دعاوى وقوفهم معك بمساندة ومساعدة, ثم ينفضوا عنك ولا تجد أحدًا.
وفي الحقيقة, ورغم أن كل ذلك واقعٌ نراه ونرصده جميعنا, وقد يكون دونما استثناء, فإنني أرى أن ذلك أمرًا عاديًا وطبيعيًا, فلكل منا ظروفه مما قد تمنعه من الوقوف مع الآخر الذي أعطاه وسانده, وقد أكون أنا الذي لم أُقدِّر أحوال من ساعدته سابقًا, فأحكم عليه بشكلٍ غير دقيقٍ بأنه قد تخلى,
لكن وأمام هذا الذي نرصده سلبيًا, نرى أن هناك الكثيرين من الناس يساندون ويساعدون, ويمدون يد العطاءات لنا دونما طلبٍ أحيانًا, ونتعجب كثيرًا من ظهور هؤلاء الذين يخرجون لنا من باطن الأرض -وقد لا نعرفهم أحيانًا- ليُخرجونا من العثرات, ويُفرجون عنا وقت الضيق, ويردون لنا عطاءاتٍ لم نقم بها معهم.
وعين الحقيقة في هذا الأمر, هو أن ما نفعله من خيرٍ أو عطاءٍ أو مساعدات ومساندات, مما قد لا يقدره البشر ولا يردونه لنا, لكنّ رب البشر يسمع ويرى, ولا تغيب عنه أعمالنا في عباده بالخير, وهو الذي حثنا على مساعدة الغير ومساندتهم, سواءً لمن نعرف منهم أو من لا نعرف, ممن قد خلقهم رب البشر سبحانه, وهو بإرادته أمر بأن نكون بجانبهم, نقدم لهم كل الخير والمعروف.
وعلى ذلك, أنصح نفسي وكل من حولي, بأن نفعل الخير والمساندة والعطاءات والمساعدة, لمن نعرف ومن لا نعرف, ليس لأن من نُقدم لهم المساعدة سيكونون معنا يومًا ما, رادين لنا ما قد قدمناه لهم, بل لأن الله الذي يسمع ويرى سوف يُسخِّر لنا مَن يساعد ويساند ويعطي ويكافيء, من خلال أُناسٍ آخرين ممن لا نعرفهم أيضًا, حين يتخلى عنا مَن ساعدناهم ممن نعرفهم, ويظل الخير الذي فعلناه مستمرًا بيننا ويبقى, ليظهر لنا في الوقت الذي نحتاج فيه لمد يد العون بأشد ما نحتاج.