الخصوصية
محسن طاحون المصريين بالخارجهي ما لنا من حق في المحافظة على سرية معلوماتنا وعلاقاتنا الشخصية و فاعليات حياتنا بشكل عام ..
بما يجعلنا بعيدين عن المراقبة وتعريض بياناتنا و فاعليات حياتنا للنشر دونَ موافقتنا على ذلك.
أن توافر البيانات الشخصيةِ الخاصة بنا لدى الآخرين، قد يجعل من ذلك وسيلة للسيطرة علينا، وجعلِ قرارتنا وسلوكياتنا رهينة الآخرين، وقد يتجاوز الأمر إلى تشويه صورتنا، والتحكم بنا من قبل الأشخاص الخطأ.
من الآداب الإسلامية الرفيعة التي دعمها الشرع احترام الحياة الخاصة للآخرين، حيث وضعت سياجاً منيعاً من القيم والتعاليم والأحكام الصارمة، التي تحقق السرية والخصوصية، وجرّمت الاطلاع عليها أو كشفها تحت أية دعوى أو مبرر مهما كان.
هذا الأدب الراقي يؤكد حرص الإسلام الشديد على تنظيم العلاقة بين الناس ليعيشوا حياتهم بحرية بعيداً عن عيون المتلصصين، وسفاهات المتربصين الذين يعشقون الفضائح ويشيعون الخوف والقلق والاضطراب بين الناس و يسببون لهم المشاكل التي تنغص حياتهم .
والالتزام بهذا الأدب الرفيع يجعلنا نعيش مطمئنين القلب راضين النفس، والطريق إلى تحقيق هذا الهدف هو حسن علاقتنا بالآخرين، والحفاظ على مشاعرهم، واحترام خصوصياتهم، وعدم التلصص عليهم، وتجنب البحث عن مساوئهم وتجاوزاتهم و عدم التدخل في حياتهم أو الافصاح عن أي معلومات عنهم دون إذن منهم
إن احترام الحياة الخاصة للآخرين في منظومة الإسلام الأخلاقية له صور كثيرة ومجالات متعددة تبدأ بأدب رفيع هو «أدب الاستئذان واحترام حرمات البيوت وخصوصيات من يقيمون فيها»
وقد غرس فينا القرآن الكريم هذا الأدب من خلال العديد من الآيات المحكمة التي توفر لكل من يلتزم بها حياة طيبة كريمة، وعلاقات محترمة من شأنها توثيق العلاقات بين الناس.
فقال تعالى في محكم آياته بسورة النور :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " (27)
"فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" (28)
وقال سبحانه في محكم آياته بسورة الحجرات :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12)
وقال الرسول صلَّ الله عليه وسلم:
((من اطلع في بيتِ قومٍ بغير إذنهم فقد حلَّ لهم أن يفقأوا عينه، فإن فقأوا عينه فلا دية له ولا قصاص))
رواه النسائي وصححه الألباني، ورواه مسلم مختصرا.
وقال أيضاً صلَّ الله عليه وسلم:
((من تسَّمع حديث قومٍ وهم له كارهون، صُب في أُذنيه الآنك))رواه أحمد .. و الآنك هو الرصاص الأسود
فلنتقي الله و نخشى عقابه بانتهائنا عما نهانا عنه من الظن بغيرنا ظن السوء, و التوقف عن تتبع عورات الناس , والتجسس عما سترهم الله عنه من أمرهم, و عدم اغتيابهم بما يكرههون وغير ذلك من الأمور التي نهانا عنها المولى عز و جل .