«انـكـــــار الـــــذات ..
محسن طاحون المصريين بالخارجبداية .. من المهم أن نتطرق لمفهوم تقدير الذات لندرك المراد من إنكار الذات ..
حيث أن تقدير الذات هو موقف داخلي يعتمد أساساً على أن للفرد قيمة ..
وأنه متميز ومتفرد ..
أي أننا علينا أن ..
نفهم ذواتنا ..
ونحبها ..
ونقدر قيمتها ..
ونقدرها بسلبياتها وإيجابياتها ..
ففاقد الشيء لا يعطيه ..
إن حب الإنسان لذته ..
يدفع الإنسان إلى التميز والإبداع والتطور
و يجعله واثقا في نفسه وقدراته.
و هو من أهم الأشياء التي تجعل الفرد محبا للحياة ..
قادرا على التواصل مع الآخرين ..
حيث أن الإنسان يجب أن يتصالح مع نفسه أولا .. حتى يستطيع أن يقدم للآخرين ويضحي من أجلهم.
ولكن .. يجب ألا يتجاوز حب الذات ليصل إلى الأنانية .. أي تعظيم الانا .. وفي تلك الحالة يتجاهل الفرد الآخرين ساعيا إلى تحقيق مصالحه فقط ..
و من ناحية أخرى فإن تقدير الذات هو حاجتنا للاحترام ..
والتقبل ..
والدفء ..
والحب ..
إذ أن تقدير الذات ينمو من خلال احترام الآخرين وما يدعموننا به من مشاعر إيجابية ..
و هو ايضا مجموعة من المعتقدات التي نتخذها منهاجا لحياتنا .. والتي تعبر عنا وعن مشاعرنا واهتماماتنا واتجاهاتنا ..
نسمع كثيراً كلمة إنكار الذات .. و بقدر ما هي مفيد قد يكون له ضرر و هنا يتعين علينا أن نعي حدوده و أبعاده ..
إن الموضوع يتطلب ثقافة اجتماعية و إنسانية بل ونفسية .. لتفهم أمر إنكار الذات ولمعرفة كيفية تحقيقه بلا إفراط أو تفريط.
إن إنكار الذات إشارة إلى الإنسان الذي لا يرى نفسه في كثير من الاوقات ..
ليس لنفسه حـظٌّ في حياته ..
وإن كان حلالاً .. وإن كان مقبولاً في عرف الناس .. لكنه دائمًا يؤخر نفسه ..
ويقدم غيره ..
و هو أن تتخلص من حظ النفس ..
فلا تهتم بثناء .. ولا مدح ..
ولا تنتظر أن يشار إليك في قول أو فعل ..
و أن تؤخر حاجات النفس الضرورية .. وتقدم حاجات الاخرين .. حتى وإن لم تربطك بهم صلات .. أو علاقات رحم ..
أو مصلحة .. أو مـال.
إنه أعلى درجات السمو في النفس البشرية ..
حيث يقترب فيه الإنسان أكثر ما يكون للخير والتضحية ..
ويبتعد أكثر ما يكون عن حب الذات والأنانية ..
و هو الخلق العظيم من أخلاق الإسلام
ففيه تقديم لأمر الشرع علي هوي النفس وإن لم تكن النفس راغبة في ذلك .. انظروا ماذا قال المولى تبارك و تعالى :
(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات:40-41] .. الله ما أعظم الجزاء ..
و لإنكار الذات علاقة وطيدة بالأديان السماوية حيث أن إنكار الذات يعد في المسيحية شيئا إيجابيا .. يجب على جميع أتباع المسيح أن يقوموا به ..
وفي الإسلام يعتبر العلماء أن إنكار الذات يقصد به ..
عدم التعالي على الخلق ..
والتواضع لهم ..
وخفض الجناح لهم ..
وأن يكون المسلم سهلا لينا هينا ..
ليس متكبرا على الخلق بما يملك سواء كان ما يملكه ماديا .. كالمال .. أو الجاه .. أو كان حتى معنويا كالعلم والخلق …
اللهم اجعلنا ممن قال عنهم المولى الكريم في الجزء الاخير من الآية ٩ بسورة الحشر :
{…….وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }