م اشرف الكرم يكتب ,,قسوة التربية والفاتورة المدفوعة
م اشرف الكرم المصريين بالخارجلا يمر زمنْ طويل إلا وتتعالى الأصوات الصارخة عند جيراننا الأعزاء بشكلٍ يجعل كل من في العقار السكني منفعلًا مستفَزًا، بين مُستنكرٍ أومشفق، ودرجاتٍ متفاوتة من السخط أو محاولة التوسط للوصول إلى حلول.
وفي الحقيقة، لم تكن تلك الأصوات العالية والصارخة إلا علاقات تفاوضية بين الوالدين وطفلٍ في الصف السادس الإبتدائي يحمل من الشغب والمكايدات والعند والمضايقات كثير، وليس لدى الوالدين أي تأهيل أو مهارات للتعامل معه تربويًا، أو علميًا أو اجتماعيًا، ولا يتعاملون معه إلا بالصراخ والصياح، والضرب الغير مباح، رغم محاولات الجيران الجادة معهما في إطار التناصح حول أساليب وطرائق التربية،
وللحقيقة فقد يكون الطفل كثير المشاكل، وللأسف أيضًا لا يصبر البعض من الآباء على أفعال أطفالهم، فيَهرعون إلى الأسهل -من وجهة نظرهم- من أدوات الزجر والتخويف والترهيب، والذي يصل أحيانًا إلى الإيذاء الجسدي والطرد من المسكن في أحيانٍ أخرى، مما يجعل العلاقة بين الطرفين سيئة ومتأججة.
والذي يحدث أن هذا الطفل -وأمثاله بالآلاف- يكبرون وداخلهم آلامًا نفسية، وعاهات من الموروث التربوي المعيوب، فيخرجونه علينا في جنبات المجتمع سواءً في العمل أو في العلاقات الإنسانية مع الناس بحيث يكونون ردة فعل لماضٍ مؤلم في العقل الباطن، يفرغون بها آلامًا نفسية سلبية تلقَّوها صغارًا، تجاه كل ما يقع تحت أيديهم وهم كبارًا.
وللأسف يتجاهل هؤلاء الآباء تعاليم الدين الحنيف، بأن نتعامل مع الأبناء بالحسنى وأن نرحم الصغير عمومًا وأن هؤلاء الأطفال جزء أصيل من مسئولية الآباء، عليهم أن يرعونها بمسئولية الراعي عن رعيته.
إن الفاتورة الباهظة التي يدفعها المجتمع بسبب التربية السيئة والتعامل المتخلف من بعض الآباء تجاه أبنائهم، لفاتورة باهظة ومكلفة، إذ ينشأ عن ذلك الكثير من الاعوجاج في سبل الحياة ويؤخرنا من حيث النتائج العامة بالمجتمع، بسبب ممارسات غير مسئولة في بعض البيوت لهؤلاء الصغار.
وأهيب بالهيئات المهتمة بحقوق الطفل، أن تقوم بواجب التوعية والتثقيف ورفع الوعي في هذا الجانب، الذي يؤثر علينا جميعًا سلبيًا وبشكل غير مباشر، في مجتمع يسعى اليوم إلى الأفضل في كل مجالات الحياة.