التخدير عبر الأزمنة
د.هشام محمد على ـ استشاري التغذيه العلاجيه والطب التكميلي و النباتات الطبيه المصريين بالخارج
منذ القدم سعى العلماء والباحثون ، لاكتشاف مواد تساعد على تخفيف وتسكين الألم ، الذي يعاني منه المرضى ، والمصاحب لأي مرض بل دعت الحاجة لاكتشاف مواد مخدرة ، عندما تضطر حالة المريض لإجراء عملية جراحية.
حيث أن المريض لم يكن الشخص الوحيد الذي كان يعاني من جرائ العملية بل كان الجراحون أيضًا يواجهون قلقًا وصعوبة بالغة ، وقد وصف أحد الجراحين السير إلى غرفة العمليات وقتها “كالسير إلى المشنقة” .
ففي البداية كان يعتمد تسكين الألم ، على استخدام الأعشاب الطبية المخدرة مثل عشب الخشخاش ، لاحتوائه على مادة الأفيون وعشب القنب ، وعشب نبات اللفاح المندراجور ، والذي ذكره شكسبير في روايته ( انطونيو وكليوباترا ) ، حيث استعملته كليوباترا لتنام ، والذي تم استخدامه لوخز الإبر بدون الشعور بالألم .
ولكن كانت تلك الأعشاب تقوم فقط بتخفيف الآلم ، ولكن لازالت الحاجة إلى مادة ، تقضى على الشعور والإحساس ، تماماً ليتمكن الأطباء من إجراء عميلات جراحية ، وكانت دولة الصين تعتمد على وسائل أخرى لتسكين الألم ، مثل استخدام الإبر الصينية لكن لم تكن تلك الوسائل هى الحل ، الشافي الكافي لتسكين الألم وتخدير الإحساس ، بل كان يضطر الأطباء لربط المريض بإحكام ، لمنع حركته أتناء العمليات الجراحية ، وكانت غالباً ما يسبب الألم الشديد وفاة المريض .
بل وكان الاشوريين يتبعون وسيلة غريبة لتسكين الألم ، خاصة عند ختان الأطفال ، وهي الضغط على شرايين الرقبة ، وخاصة شريان CAROTID ARTERY لمنع تدفق الدم لها ، مسببة فقدان الوعي والإغماء ، مما يفقد الطفل الإحساس بعمليه الختان ، ثم يعود للوعي مرة أخرى.
في عام 1779م ، تم استخدام التنويم المغناطيسي كوسيلة للتخدير ، عن طريق الطبيب النمساوي (فريدريك) ، وذاع شهرة تلك الوسيلة في أوروبا وأمريكا وتمكن طبيب ألماني ، من إجراء عملية ولادة بدون ألم باستخدام التنويم المغناطيسي في عام 1840م .
في عام 1803م ، اكتشف أستاذ الكيمياء الألماني جوستس ، الخواص المخدرة لغاز الكلوروفورم ، وتم استخدامه في عملية الولادة التي خضعت لها الملكة فيكتوريا ، ملكة انجلترا أثناء عملية الولادة .
وكان المسلمون العرب أول من اكتشفوا التخدير ، عن طريق الاستنشاق في عام 1842م ، عن طريق الطبيب العربي أبو القاسم الزهراني ، عن طريق خلط مجموعة من أعشاب النباتات ، وهى عشبة الزوان مع عشبة السيكران والشيلم ، وجعل المريض استنشاق الخليط فينام ، وتنجح العملية الجراحية .
مع بداية القرن الثامن عشر ، برزت بعض الاكتشافات حول سبل التخدير ، فتم اكتشاف التأثير المسكن للألم لغاز أكسيد النيتروز ، عن طريق الصيدلي بريستلي ، وكان أول طبيب يستخدمه في التخدير هو طبيب الاسنان Horse Wels .
وبعدها تم اكتشاف التأثير المخدر لكحول الأثير ، عن طريق مايكل فراداي ، وكان أول طبيب يستخدمه كمادة مخدرة ، هو الطبيب Morton William ، والذي قام بتجربة تأثير غاز الأثير المخدر على كلبه ، وعند استنشاق الغاز فقد كلبه الوعي والإحساس ، ومن بعدها قام الطبيب مورتن بتكرار محاولته ، في إجراء عمليات جراحية بدون ألم .
في عام 1860م ، قام العالم الألماني ألبرت باستخلاص مادة الكوكايين ، من أوراق نبات الكوكا ، والتي اكتشف تأثير تلك المادة لتخفيف الآلم ، وقدرتها على التخدير عند وضعه بصورة موضعيه ، وقام الطبيب النمساوي كارل باستخدام قطرة الكوكايين ، في تخدير العيون ، لإجراء جراحة العيون المختلفة وذلك عام 1884م.
وفى عام 1903م ، تم اكتشاف مادة الفيرونال عند طريق الطبيب الألماني فيشر ، والذي استخدمها ، في التخدير عن طريق الحقن الوريدي ، وفي عام 1923م تم اكتشاف مادة الأثيلين ، كمادة مخدرة ثم تم اكتشاف مادة diphenyl oxide ، عن طريق الطبيب شونسى ليك في عام 1930م ، والتي أصبحت أقوى مخدر عام .