×
18 شوال 1445
26 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
البيت الثقافي

مذكرات مهاجر مجهول 

المصريين بالخارج

الجزء الثاني (21)
الغجر
الغجر هم شعوب انتشرت في اسيا و اوروبا و أفريقيا من قديم الزمان. و معظم الغجر في اوربا هم من شعب الروما و خاصة في اوروبا الشرقية و البلقان و منهما ذهبوا الى أوروبا الغربية و اسبانيا. في ايطاليا يسمون "الزنجاري" و في اسبانيا يسمونهم "الجيتاني". و اصلهم غالبا من الهند و شكلهم و لون بشرتهم يؤكد ذلك في نظري، رغم ان بعض الناس يقولون ان اصلهم من ايران او حتى من مصر (و لذلك في الانجليزية يسمونهم "جيبسي" أي من ايجيبت) ، و انا لا اعتقد ذلك. في مصر يسمون "النَوَر" و معرفون بتواجدهم في الموالد و ما شابه ذلك. و كلمة "يا نَوَري" في مصر هي شتيمة معناها "يا حرامي". من يريد أن يعرف أكثر عنهم عليه البحث في المكتبات و في انترنت ، اما انا فسأحكي لكن ما حصل لي معهم.


الغجر يوجدون بأعداد كبيرة في شمال شرق إيطاليا و خاصة في منطقة الفينيتو. يتنقلون دائما و لكن أحياناً يستقرون في معسكرات لهم خارج المدن لسنوات طويلة. يعملون بالتجارة غالبًا و لكن يقومون بسرقات خفيفة او بالشحاذة و أحياناً يشاع انهم يقومون بخطف الاطفال و هذا غير مؤكد، و لكن المؤكد انهم لا يمارسون الدعارة أبداً و هم يغارون على نسائهم بصورة مخيفة. يعيشون دائمآ في عشش او كامبر بالرغم من انهم أغنياء و رجالهم و نساؤهم على السواء عادةً ما يظهرون كميات كبيرة من الحلي الذهبية الغالية الثمن. النساء يلبسن عادةً جلابيب طويلة مميزة اما الرجال فيلبسون ملابس عادية.

يتزوجون من بعضهم دائما و في سن صغيرة و ينجبون الكثير من الأطفال. لا يرسلون اولادهم للمدارس الحكومية و لا يخضعون انفسهم الى اي عرف أو قانون محلي أو دولي و لكنهم يتبعون أعرافهم الخاصة بهم و يحترمون الى درجة التقديس رؤساء عشائرهم. يتكلمون فيما بينهم بلغتهم و يتحدثون بلغة البلد الموجودون فيها بلكنة ظاهرة.


و كان يحدث أن يدخل أحدٌ منهم الى مستشفى كاستل فرانكو او الى مستشفى مونتيبللونا ، و كان في غالب الاحوال ضيفًا ثقيلا على هيئة التمريض و المساعدين و مصدر ازعاج و قلق للاطباء. و اذا كان واحداً منهم محجوز في القسم عندنا كنت تشم في الغرف و الطرقات رائحة غير مستحبة، تشبه رائحة روث الجمال و الغنم و البول الآسن، و هي رائحتهم لانهم لا يستحمون الا نادرًا ، و ملابسهم قذرة و قديمة و مشبعة بخليط من روائح الطعام و الزيوت و العرق المعتق.


و في صباح يوم سبت و كنت الطبيب النائب في عطلة نهاية الاسبوع بقسم الباطنية في مستشفى كاستل فرانكو ، وصلت في الثامنة، و بينما كنت امر بشوراع المدينة الأنيقة في طريقي بسيارتي للمستشفى ، رأيت اعداداً كبيرةً من الغجر، في مجموعات ، نساء و اطفال و رجال، يسيرون جميعًا في اتجاه المستشفى. و صلت لساحة السيارات الواسعة في داخل المستشفى الضخم و ركنت سيارتي و فوجئت بوجود عدد كبير من الغجر يركنون سياراتهم و ينزلون منها و يسيرون في اتجاه المدخل الرئيسي.


سرت انا ايضا في اتجاه المدخل الرئيسي و انا اشم رائحة الغجر المميزة تملأ المكان و صعدت على السلم كعادتي حتى الدور الخامس الذي كان يوجد به قسم الأمراض الباطنية الذي اعمل به. و على السلم كانت هناك افواج من الغجر بين صاعدين و جالسين و نائمين على درجاته. اما على مدخل القسم فكان هناك تجمع كبير منهم.،بدا عليهم الغضب الشديد، و هم يحاولون الدخول بالعافية و يقرعون الباب و الجرس بصورة هستيرية ، و يشتمون موظفي القسم و ممرضاته بأقذع الألفاظ.


و ما ان رأوني حتى اندفع اليّ كبيرهم و هو رجل ضخم في اوائل خمسينات العمر و امسك بخناقي، و كدت أن ادفعه بعيدًا عني و لكني لاحظت ان معه مسدس ضخم يضعه في حزام بنطلون البدلة السوداء التي يلبسها. و لاحظت ان معظم الرجال يحملون مسدسات في أحزمتهم. قال لي و عيناه تبرقان من الغضب:" لازم تسلمهولي". قلت له:"هو مين يا فندم اللي لازم أسلمه لسيادتك؟". قال:"الدكتور الجاهل الفاشل العنصري اللعين اللي مستخبي جوه". طبعا يقصد الطبيب النوبطشي الذي عمل الليلة السابقة.

سألت:" و هو عمل لكم ايه يا فندم؟". رد:"ضيع الراجل، سايبه يموت و بيقول مفيش فايدة و مش عاوز يعمل حاجة لإسعافه". قلت له:"وماذا ستفعلون به اذا اعطيته لكم؟. قال:"هنحجزه عندنا لحد ما يخف رئيس العشيرة، و لو جرى له حاجة هنقطعه حتت". قلت له؛" لا داعي لكل هذا ، ارجو منك تهدئة الموقف و دعني أدخل لأرى ما يمكنني عمله". تركني الرجل على مضض و تحدثت في الميكروفون مع إحدى الممرضات التي فتحت لي الباب ، و دخلت و انا اقاوم عدد منهم يحاولون الدخول معي.


دخلت و وجدت الممرضات في حالة ذهول ، ممرضات الليل الذي مضى لم يعدن لمنازلهن بعد و ممرضات الصباح، و بدأوا جميعًا في اخباري بما حدث. و الذي حدث هو أن رجلاً في الثالثة و الخمسين من عمره و هو أحد كبار عشائر الغجر في شمال إيطاليا قد حجز في حالة غيبوبة في اول ساعات الليل. و رأى الطبيب النوبطشي، و هو أخصائي اعصاب، أن عنده نزيف في المخ و ان حالته متأخرة جدًا و اخبر العائلة انه سيتركه يموت في سلام. طبعًا هذا لم يعجب العائلة و كلموا كل رجال الغجر في شمال إيطاليا الذين توافدوا مع عائلاتهم الى المستشفى من كل حدب و صوب.

و سألتهن:" اين الطبيب؟"، قالوا انه اغلق على نفسه في غرفة الطبيب النوبطشي. خبطت على الباب فرد عليً بصوت مرتعش::"مين؟". قلت له:" انا أشرف". ففتح الباب بسرعة و نظر خلفي للتأكد من عدم وجود أحد، و ادخلني بسرعة و اغلق الباب بالمفتاح. شكرني بحرارة و عمل علامة الصليب على وجهه الشاحب و شكر الله على وصولي. حكى لي ما حدث و عيناه تكاد تخرجان من مقلتيهما من الرعب، فسألته:" هل طلبت عمل أشعة مقطعية؟". قال لا لأن التشخيص كان واضح (نزيف ضخم في المخ) و لا علاج له. قلت له:"لابد و أن نفعل شيء و الا سوف يقتلوننا". و قلت له:"انتظر انت هنا ، و ساخبرك عندما يصبح الموقف هادئًا و يسمح بخروجك آمناً".


خرجت لأفحص المريض فوجدته في حالة غيبوبة تامة فجريت على التليفون و طلبت قسم الأشعة و تحدثت مع الطبيب المناوب هناك و اتفقنا على عمل أشعة مقطعية على المخ فوراً. و نزل المريض بسريره في المصعد الى قسم الاشعة و حوله زفة من الغجر، و عاد مع نفس الزفة الباكية المتوعدة. و كان تقرير الأشعة يؤكد وجود نزيف و تورم مائي في المخ. اعطيته العلاج المناسب في الوريد و طلبت في التليفون قسم جراحة الاعصاب في مستشفى تريفيزو الكبير. أوصوا بنقل المريض بأسرع ما يمكن فطلبت طائرة هليوكوبتر طبية و طلبت من احد اطباء التخدير ان يصحبه الى مستشفى تريفيزو و خرجت لأخبر الجمع الحاشد بما فعلت فأقروا بذلك و بدأوا في الذهاب الى مستشفى تريفيزو . و بعد حوالي نصف ساعة وصلت الطائرة و صاحبت انا بنفسي المريض حتى بابها و تنفست الصعداء عندنا اقلعت و مريضنا ما زال حياً.


و بعد حوالي نصف ساعة خلت المستشفى من الغجر و لكن رائحتهم بقيت عالقة في الاجواء لعدة ايام. ثم صاحبت زميلي المذعور حتى سيارته و خرج من المستشفى بدون مشاكل و كلمته بعد ذلك فقال أنه وصل لمنزله في امان.


و في آخر النهار طلبت قسم جراحة الأعصاب في مستشفى تريفيزو لأستعلم عن المريض فقيل لي انهم اجروا عملية جراحية و شفطوا الدم الذي كان متراكمًا على المخ و أن المريض في العناية المركزة تحت جهاز التنفس الصناعي و يبدو في حالة مستقرة. و عرفت بعد ذلك بأيام أن المريض بقي على قيد الحياة و انه يخضع لعلاج طبيعي مكثف.
بالطبع اخطأ زميلي في تناوله للحالة و تمت محاسبته بعد ذلك خاصة انه كان له سابقة مع مريضة اخرى ضربها بالقلم على وجهها. و هذا يحدث عندما تكون ثقة الطبيب بنفسه اكثر من اللازم و يكون عناده غالبًا على حساب المريض و اهله، و قد يكون هناك ايضا أثر من العنصرية في ذلك الموقف الرهيب.


و سوف احكي لكم في المرة القادمة احداث اخرى حصلت لي مع افراد من هذا الشعب المثير للجدل، الغجر.

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 10:34 صـ
18 شوال 1445 هـ 26 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:43
الشروق 05:17
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:29
العشاء 19:52