×
18 شوال 1445
26 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

مذكرات مهاجر مجهول الجزء الثاني (24) عصير الرمان 1

المصريين بالخارج

في يومٍ من الأيام قالت لي زوجتي انها قابلت شخص مصري في وحدة العناية المركزة القلبية التي كانت تعمل بها في مستشفى تريفيزو الكبير. قالت ان اسمه فوزي و انه يحب أن يتعرف عليّ. قلت أخبرني فوزي انني ارحب بمعرفته و عليه أن يكلمني عندما يخرج بالسلامة.

خرج فوزي من المستشفى و كلمني و تواعدنا على اللقاء في احد مقاهي وسط مدينة تريفيزو. كان فوزي رجلا في الخمسينات من عمره، قصير، نحيف، انيق في مظهره، بشوش الوجه، واسع الابتسامة، متدفق في كلامه و يميل الى حديث الاستظراف و حب النكت و المزحات.

كان من الإسكندرية و قال لي انه ترك فيها مطلقته و خمس اولاد و بنات. تشوقت لمعرفة قصته و تسألت كيف ينجبون خمس اطفال ثم يتم الطلاق بينهم. و فعلا قصته كانت غريبة و عجيبة.

حكى لى انه كان مدرس لغة عربية في مدرسة اعدادي في الإسكندرية ، و كان سعيدًا مع زوجته التي هي قريبة بعيدة له و تزوجها في زواج صالونات تقليدي. و في العشر سنوات الاولى من الزواج لم تتوقف عن الخلفة حتى اتمتهم خمسة اطفال ما بين بنات و اولاد. و في نهاية السبعينات بدأت تضيق بهم سبل العيش لكثرة مصاريف الاولاد فما كان منه الا إن وجد عملا في العراق بواسطة احد اقاربه كمدرس للغة العربية.

سافر الى العراق راكباً الطائرة لاول مرة في حياته. و بعد وصوله الى بغداد ركب حافلات اوصلته الى مدينة السليمانية في شمال العراق بعد جهد جهيد. سكن مع قريبه في سكن بسيط و بدأ عمله بهمه و اسرع بإرسال أول مرتب الى اسرته المحتاجة في الإسكندرية. و مرت سنتان لم ينزل فيهما الى مصر حتى في الإجازة الصيفية لتوفير النقود ، بل و كان يعمل فيما يجد من وظائف من القيام بإعطاء دروس خصوصية الى العمل كنادل في المطاعم او في استقبالات الفنادق.

كانت احواله المالية في تحسن و ديونه دفعت و حاجات اولاده و زوجته قضيت، و احس بسعادة و قرر أن يعمل حتى تحضر اليه الاسرة لتقيم معه في السليمانية و هي مدينة جميلة و إن كان جوها شديد الحرارة في الصيف و شديد البرودة في الشتاء.

و لكن و كما قال الشاعر الأندلسي ابو البقاء الرندي (في رثاء الاندلس):

لكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ

فَلَا يُغَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إنْسَانُ

قامت الحرب بين العراق و ايران في سبتمبر ١٩٨٠. استمر فوزي في عمله كالمعتاد و لم يتصور ابدا. ما كان مخبأً له نتيجة هذه الحرب. و بعد شهور من بداية الحرب وصل له استدعاء من الجيش العراقي ادراة التجنيد. تعجب، فكر في غلطة، في تشابه في الأسماء، فهو مصري الجنسية و لا يجب عليه أن يخدم في الجيش العراقي كمجند أو غيره.

نصحه اصدقاءه أن يذهب الى ادراة التجنيد عموماً و اظهار اوراقه لهم، و اهمها جواز سفره المصري الذي يثبت جنسيته.

و في ادارة التجنيد قالوا له أن القانون العسكري الجديد في العراق يلزم كل العرب الموجودون على الارض العراقية بالانخراط في صفوف الجيش العراقي اثناء الحرب، و أن عليه أن يسلم نفسه لهم في السادسة من صباح اليوم التالي حيث سول يبدأ التدريب العسكري السريع ثم يشحن الى الجبهة لينال شرف القتال في أسرع وقت. و اخذوا منه جواز سفره المصري، و تركوه يذهب مع الوعد بالعودة في الغد و قد جهز احواله و ما يلزمه.

تلقى فوزي هذا الخبر كصاعقة رجت رأسه، و خرج من ادارة التجنيد و قد اصفر وجهه و ارتعشت قدماه، و قال في نفسه، ليس فقط لن اكون قادراً على العمل و ارسال نقود لزوجتي و اولادي، و لكن علي ان اقاتل في حرب لا ناقة لي فيها و لا جمل في جيش بلد غير بلدي.

قرر في نفسه انه ليس امامه الا الهرب، و لكن كيف و ليس معه جواز سفر. تشاور مع احد الاصدقاء و الذي نصحه بالهروب عن طريق الجبال الكردية الى تركيا و منها يحاول أن يجد باخرة او مركب من أنطاليا تحمله الى بلده الإسكندرية. و هذا ما فعل فعلاً. و بعد وصوله الى بلدة اسمها ديرلوق بالحافلات و الميكروباص خرج في سواد الليل و مشى على قدميه، متتبعا مسار نهر زاب و وسط الطرق الجبلية الوعرة مع مجموعة من الهاربين مثله، حتي وصلوا الى بلدة توشكورجا في داخل تركيا. و من توشكورجا استقل عدة وسائل مواصلات مما وجد حتى وصل بعد يومين من السفر المتواصل الى مدينة أنطاليا و في ميناءها وجد مركب مصري صغير متجة إلى بورسعيد. دخل مصر من على شاطئ مهجور بالقرب من بورسعيد بعد أن رمى نفسه بين الامواج و وصل سالما الى الشاطئ و هو الاسكندراني الماهر في السباحة. و كان معه نقود و ملابس وضعهما في كيس نايلون كبير فلم يبتلوا رغم ماء البحر و الأمواج العالية.

لبس ملابسه بعد جفافه في الشمس الحارقة و سافر الى الإسكندرية عبر وسائل الموصلات العامة.

وصل مساءاً لشقته و كان وصوله مفاجأة كبيرة للعائلة. فرحوا به كثيرًا و لكنه فرحهم لم يطل عندما عرفوا انه هرب من العراق و وصل الى بطريقة غير قانونية و اهم من ذاك انه خسر عمله و مورد دخله.

بدأت المشاكل بينه و بين زوجته بسبب مصاريف الحياة. كان قد فقد عمله الحكومي فحاول أن يسترزق بإعطاء دروس خصوصية و لكن دخله من هذا العمل لم يكن يكفي لضمان حياة كريمة للاسرة. و تفاقمت المشاكل حتى وصلت الى علاقته مع اولاده التي ساءت بسبب عصبيته و عنفه معهم و ضربه لأمهم. و أخيرًا اصبحت حياة الاسرة جحيم و كان عليه أن يجد عملًا و لكنه لم يجد ما يناسبه. و سمع أن اليمن تطلب مدرسين لغة عربية و دين مصريين، فقدم اوراقه لسفارتها و فعلا حصل على العمل و تمكن بالسلف و الدين أن يترك ما يحفظ قوت أولاده حتى يرسل لهم نقود من اليمن.

و وصل صنعاء في بداية سبتمر في يوم صحو، و لكنه أحس بخصة في قلبه.

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 01:34 مـ
18 شوال 1445 هـ 26 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:43
الشروق 05:17
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:29
العشاء 19:52