رامي علم الدين يكتب .. أهلا بقطر

زيارة أمير قطر الشيح تميم بن حمد لمصر لمدة يومين، هي الزيارة الأولى منذ 2015، تأتي في إطار استعادة العلاقات العربية، وعدتها إلى مسارها الطبيعي بعد مقاطعة دامت لأكثر من 7 أعوام في حكم نظام 30 يونية ، بمباركة عربية جماعية من الأشقاء، وتوافق رباعي شمل السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر، اجتازت خلالها العلاقات المصرية بقطر 6 مراحل لإعادة التطبيع الكامل في العلاقات ، وشملت :-

- قمة العلا السعودية لتعزيز أواصل الود والتآخي بين شعوب المنطقة مايو 2021.

- إتصال هاتفي بين وزيري الداخلية المصري والقطري لبحث التعاون الأمني.

- إرسال أمير قطر برقية عزاء في ضحايا حادث تصادم قطاري سوهاج.

- زيارة وفد قطري رفيع المستوى لافتتاح فندق بالقاهرة تابع لشركة واموال قطرية.

- تصريحات وزير الخارجية المصري تمهيدا للمصالحة والتعاون.

- اتصال مباشر من أمير قطر هاتفيا بالسيسي في رمضان الماضي.

خطوة هامة أخري في إطار تهدئة الأوضاع وتهيئة المناخ خاصة بعد زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة لمدة يومين، سبقها زيارة ثنائية ملكية سامية، ضمت الأردن والبحرين بشرم الشيخ، وذلك بهدف تنسيق المواقف للتعامل مع الترتيبات الجديدة التي يتوقع أن يحملها الرئيس الأمريكي في حقيبته لطرحها علي القمة الأمريكية الخليجية التي ستعقد في الرياض في منتصف الشهر القادم، والتي تعد الزيارة الأولى لبايدن في المنطقة العربية، بعد عدوله عن فكرة تجاهل الخليج، وأثناء تحديات الضربة الروسية العسكرية في أوكرانيا، وأزمة كورونا العالمية، ويتوقع أن تشارك فيها مصر والأردن وربما العراق، فهي تأتي أيضاً في ظل حراك وتأزم دولي كبير عقب حرب أوكرانيا وتداعياتها وعقب رياح التغيير التي تهب علي منطقتنا والتي تسعي لتنفيذ خريطة جديدة لدولها ولتوازنات القوي والمصالح فيها، استكمالاً وتنفيذاً لتفاهمات العلا في السعودية مايو 2021، أثناء حكم ترامب، والتي حققت المصالحة ومهدت لعودة العلاقات بين قطر ودول الرباعية مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وعلي المستوي الثنائي، فإن القمة المصرية القطرية من شأنها أيضا تدعيم العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين .

العلاقات الإقتصادية بين مصر وقطر لم تتأثر بشكل بالغ بالمقاطعة العربية لقطر ، بل حافظ الجانبين على وجود مساحة مشتركة، وكان الجانبان حريصين علي ألا تتأثر هذه العلاقات بالأزمة السياسية،وبانعقاد هذه القمة السبت 25 يونية ، أتوقع أن تشهد العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين انطلاقة قوية جديدة ستعود بالنفع علي البلدين وستسهم في المزيد من التحسن في أجواء العلاقات السياسية وغيرها، وبما ينعكس إيجاباً علي جهود تسوية باقي الملفات العالقة بين البلدين والتي تقلصت كثيراً الآن، حراك كبير وتوازنات جديدة تشهدها الآن منطقتنا يصبح معها التنسيق بين الدول العربية ضرورة وواجبا، خاصة وأن مصر تدخل بقوة سوق تصدير الغاز إلى أوروبا، وقطر تعد الأولى عربيا في هذا المجال.

بالعودة إلى مجريات الزيارة السعودية، جولة هامة لولي العهد السعودي تشمل الأردن وتركيا، تعد تحركاً إيجابياً يترجم خصوصية العلاقة بين أكبر دولتين عربيتين تمثلان الآن ومعهما دولة الإمارات العربية إلي جانب الجزائر الأعمدة الرئيسية للخيمة العربية ، تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة،التنسيق المصري السعودي ضرورة ملحة للدفاع عن مصالح البلدين وعن الأمن القومي العربي الذي يتعرض الآن لمحنة ولاختبارات قاسية، التنسيق بين البلدين مطلب ملح لدعم مواقفهما ورؤاهما في مواجهة التوجهات الأمريكية وغيرها من القوي الدولية الكبري والقوي الإقليمية كذلك، ولي العهد محمد بن سلمان ناقش مع السيسي ملف المصالحة مع تركيا، وطرح السيسي شروطه في ملفات ليبيا والإخوان، تطرق النقاش لملف الإخوان والمصالحة معهم، السيسي تمسك بشروطه في موضوع الإخوان علي ضوء صفقة المصالحة المقترحة معهم، وأهمها :

- البعد تماماً عن ممارسة أي نشاطات سياسية.

- تأكيد الولاء للنظام الحاكم .

- التأكيد على إدانة الإرهاب بكافة أشكاله، مصر تعي حساسية ملف الإخوان لدي غالبية الشعب المصري، وتتماشي مع رغبات هي تجيد تفريغها من إلتزاماتها.

-تم عقد إجتماع هام بين وزير دفاع مصر و رئيس المخابرات العامة مع وزير الدفاع السعودي ورئيس المخابرات السعودى، ملف ليبيا سيكون نقطة التحول في المصالحة لو تم تنفيذ الشروط المصرية، لو أخفقت جهود الوساطة سبقت مصر بإرسال رسالة قوية من خلال توقيع إتفاقية الشراكة العسكرية الكاملة، مع اليونان وقبرص خلال إجتماع ثلاثى لوزراء دفاع مصر وقبرص واليونان.

نتائج الزيارة عكست تقارب مواقف البلدين إلي حد التطابق أحيانا إزاء تطورات الأوضاع في اليمن والعراق ولبنان وليبيا والسودان وأزمة سد النهضة وغيرها من القضايا الإقليمية والدولة، النتائج الإقتصادية للزيارة كانت إيجابية للغاية، حيث اسفرت عن استثمارات سعودية جديدة في مصر تقارب الثمانية مليارات دولار بالإضافة إلي قيادة السعودية لمسار استثماري آخر بمقدار 30 مليار دولار، فضلا عن اتفاقيات أخري في مجالات السياحة والتجارة والمشروعات النوعية الأخري التي تمثل نقلة جديدة في مسار العلاقات المصرية السعودية المتجذرة عبر مئات السنين .

مناخ إيجابي هو ترجمة دقيقة للتعاون والتنسيق الاستراتيجي بين البلدين لن تقتصر نتائجه علي البلدين وشعبيهما الشقيقين ، بل تتجاوز البلدين لتشمل التعاون العربي والإقليمي والذي سيشمل تركيا في الغالب التي يتوقع أن تشهد علاقاتها بمصر والسعودية انفراجة بعد طول تأزم، تظل معضلة إدارة العلاقات مع إيران والترتيبات الجديدة في إدارة العلاقات مع إسرائيل وانعكاساتها علي المنطقة ، وكذا التعامل مع المطالب الأمريكية، والسعي كذلك للتوازن المحسوب في التعام