حسن بخيت يكتب .. ” رسالة إلى أمي ”
حسن بخيت المصريين بالخارجأوصانا الله تبارك وتعالى بالأم خيراً، وليس من جميل القول أجمل من قول الله عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ، وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ، أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}
وقد أوصانا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالأم خيراً في أكثر من حديث شريف، من أشهرها ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: (أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ €
أقول ذلك والجميع في مصرنا الحبيبة يحتفل بما يسمى ب " عيد الأم" الذي يوافق الحادي والعشرين من مارس من كل عام، فالكثيرون يشترون الهدايا لتقديمها لأمهاتهم، وآخرون يحتفلون مع أمهاتهم بمختلف الصور ،، رغم أنني لا أحب أن تكون للأم مناسبة كى نحتفل بها من أجلها ، لأن الأم تستحق أن يكون العمر كله لها عيدا وعرفانا بفضلها ، والذى لا يستطيع إنسان مهما فعل معها من البر أن يرد لها فضلها ...
اعتدت منذ صغري وأنا تلميذ بالمرحلة الإبتدائية ؛ أن أكتب كلمة في يوم الأم ، وأقوم بقراءتها في الإذاعة المدرسية صباح يوم الحادي والعشرين من شهر مارس في كل عام ، وعند خروجي من المدرسة في نهاية اليوم الدراسي نفسه أشتري لها الحلوى ، وكان المألوف وقتها والمتاح للجميع ما تسمى " بعلبة الملبن " فهي عبارة عن علبة من ورق وبداخلها 12 قطعة صغيرة من حلوى الملبن ،، كنت أشتريها من مصروفي الخاص ، وأقوم بأكل نصفها ، واهداء نصفها الأخر هدية لأمي ...
والآن اكتب رسالتي ، وسوف تنتشر هذه الرسالة في الصحف الورقية والمواقع الألكترونية ، وأيضا على مواقع التواصل الاجتماعي ليصل أريجها الى اقصى حدود الدنيا كما كان ينتشر حنانك في ارجاء البيت كله ..
أمي : إن القلم ليعجز ، واللسان ليتلعثم ، والفؤاد ليتخفق كلما راودتنى نفسي بالكتابة إلي" أمي " ولا أدرى كيف أعبر عما يكنه قلبي شوقا إليها وحبا فى نعيم رضوانها وجنة حنانها .
والله لا أجد من مصطلحات اللغة لفظا يرادف كلمة ( أم ) ولم أجد فى الدنيا مخلوقا أفضل منك سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن دعينى أمتطي صهوة قلمى العاجز لعله يخرجني من خضم هذا البحر ويعبر بى إلى شاطىء الحب والحنان .
أمي ... ألاف الكيلو مترات تبعدنى عنك ، وتحول هذه المسافة الكبيرة بيننا وتحرمنى من رؤيتك وخدمتك والبر بك ، لكن دوام الحال من المحال ، وأقوات الله مقسومة لخلقه فى مشارق الأرض ومغاربها ، وعلينا أن نسعى جاهدين لإكتسابها
أمي ... والله لا أنسى عناق الوداع كل عام لتقبيل رأسك وكفيك ، فلا ندرى بما تخبىء لنا الأيام ، ولكن نعيش على أمل ونطمح إلى وصال ولقاء طال الزمن أم قصر
لا أظن أن الإعتذارات كافية ، ولا الإتصالات مجدية ؛ فلتسامحيني ، وأنا أعيش بعيدا عنك ، فقد تمر بى ايام وأنا أشعر بأن الأرض ضاقت علي بما رحبت ، وأقول لنفسى ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ، أهذا جزاء من حملت وولدت وسهرت وتعبت وكبرت وعلمت ؟!
لكن فليغفر الله لي على تقصيري فى حقك ، رغم أننى والله لم اكن عاق بك يوما ، لكن ظروف معيشتي وقدري أن يكون رزقي فى غربتي ..
أمي ....أعلم أن النوم يخاصم جفون عينيك عندما أتاخر فى الإتصال بك ، وقد تصفقين وتفرحين تارة عندما أرسل إليك كل شهر جنيهات زهيدة لأنك شاهدتي ثمرة ما زرعت وحصاد ما غرست ، وربما تزف عينك الدموع بطريقة عفوية تارة أخرى عندما تتذكرين أنني فى غربة ، ولا تنامى حتى تطمئني على الإبن الغائب ..
أمي الحبيبة :
----------------
مرارة البعد والغربة كالحنظل ، فما أحوجني إلى دعواتك والتى أعلم أنها لم ولن تنقطع لتخالط كل يوم أذان الفجر ، وترتفع إلى عنان السماء ..
وفى نهاية كلماتى يا أمي لا أملك من الدنيا ما أهديه إليك الا أننى أدعو الله أن يحفظك من كل سوء ومكروه ، وأن يجمعنا وأبي وزوجتي وأولادي وأخوتي وسائر المسلمين بحبيب القلوب محمد صل الله عليه وسلم ... كل عام وكل الأمهات بخير