م اشرف الكرم يكتب ”“شبابُنا بين الإعلام والحشاشين”“
م اشرف الكرم المصريين بالخارجكلما مر علينا في مصر أو العالم العربي والإسلامي موجاتٍ من الفكر المتطرف لبعض التنظيمات أو الجماعات، يصيبني الاستغراب والحزن الشديد،
تلك الموجات التي مرت علينا مثل أحداث مقتل الشيخ الذهبي من جماعة التكفير والهجرة، أو مَن أجرموا بقتل الرئيس الأسبق السادات أو أحداث جماعة الجهاد أو غيرهم من الجماعات والتنظيمات المستمرة إلى يومنا هذا، أو حتى الضربات الفردية المارقة كالأمير الذي قتل الملك فيصل بن عبد العزيز بالمملكة السعودية، وغير ذلك مما تكون نتائجها محزنة ودامية،
يتملكني الاستغراب الشديد والحزن العميق بسبب التقصير تجاه طائفة الشباب عمومًا، سواءا إعلاميًا أو إيمانيًا وعقديًا، وسواءا على مستوى الدولة أو على المستوى الأُسري في البيئة الحاضنة الأولى لهؤلاء الشباب.
ولو راجعنا كل تلك الأحداث الدامية، لوجدنا أن المشترك الأكبر في سبب وقوعها هو الفكر المنحرف، وهو الذي يسكن العقول بقوة الإقناع ثم الاقتناع ومن بعدها الفعل، وبأدوات عديدة حسبما يتناسب مع كل زمان ومكان، والمثال الواضح على ذلك هو ما فعله "حسن الصباح" في جماعته "الحشاشين" حين سيطر عليهم بفكرٍ متطرف ومغلوط -وبالأخص على "عقول" الشباب- ليس بقوة، وليس بإرغام أو حروب ولكن بفكرة، استخدم فيها أدواته التي ناسبت عصره، فانزلق معه الشباب وناصروه.
والأمر الذي يمثل ألمًا لديّ، والذي يؤدي إلى استغرابي ثم حُزني، هو التقاعس تجاه هؤلاء الشباب، وتركهم فريسة سهلة وسائغة لأصحاب هذه الأفكار المنحرفة، الذين يستفيدون منها بشكل مباشر في زعامة أو سلطة أو ماديات أو حتى وجاهة اجتماعية دينية، في حين لا يجد الشباب أي فكر يوضح ويفند تلك الأفكار المنحرفة، فينزلقوا إلى ما يعَاقَبون عليه فيما بعد.
وقد حاولَت الدولة المصرية محاربة تلك الأفكار في عقودٍ متعاقبة وإلى يومنا هذا، لكنها كانت محاربَة بأدوات القوة،
لكن الفكر المنحرف -في الغالب- لا تقوى عليه القوة، بل يحتاج لمقارعة الحجة بالحجة، والفكرة بطرح تصحيحها، والضلالة بتصويبها في نقاشات تُعلن على العامة وتنتشر، ويتعلمها الجميع لتصل إلى أبنائنا الشباب من خلال المجتمع بكامل أدواته، سواءا الإعلامية أو التربوية أو التعليمية، بل وأيضًا بالأسرة التي تكون قد ارتوت بصحيح المفاهيم ضد تلك الأفكار المنحرفة والتي مازالت كامنةً في أفكار بعض شبابنا وأبنائنا.
إن حلقات مسلسل "الحشاشين" -الذي أشيد به كثيرًا- هو بداية قوية لكشف القناع الخفي عن وجه تلك الأفكار الضالة، ليفضح أساليبها وتلاعبها، ويقدم بشكل إعلامي ودرامي راقي وجبة تثقيفية للمجتمع، عن ماهية هذه الجماعات الباطنية وأفكارها وكيف يضللون الأتباع، ومدى خطورة تسليم الإنسان لغيْره دون علمٍ أو دراية، بما قد يودِي به إلى هاوية الجحيم.