تحليل المادة الثامنة عشرة من نظام العمل السعودي
تنص المادة الثامنة عشرة من نظام العمل السعودي على مبدأ هام يضمن استمرارية عقود العمل وحقوق العمال في حال حدوث تغييرات في ملكية المنشأة أو شكلها النظامي. يمكن تحليل هذه المادة كالتالي:
انتقال ملكية المنشأة
إذا انتقلت ملكية المنشأة من مالك لآخر (سواء كان ذلك بالبيع، التنازل، أو أي شكل آخر من أشكال نقل الملكية)، فإن عقود العمل التي كانت قائمة مع المالك السابق تظل نافذة وسارية المفعول مع المالك الجديد. هذا يعني أن المالك الجديد يلتزم بكافة الحقوق والالتزامات المترتبة على هذه العقود تجاه العمال.
التغيير في الشكل النظامي للمنشأة
تشمل هذه النقطة حالات الدمج والتجزئة أو أي تغيير آخر يطرأ على الكيان القانوني للمنشأة.
الدمج: إذا اندمجت منشأتان أو أكثر لتشكيل كيان واحد، فإن عقود العمل للعاملين في المنشآت المندمجة تستمر مع الكيان الجديد الناتج عن الدمج.
التجزئة: إذا تم تقسيم منشأة قائمة إلى عدة كيانات أصغر، فإن عقود العمل الخاصة بالعاملين في المنشأة الأصلية تستمر مع الكيانات الجديدة التي يتبعون لها.
غير ذلك: يشمل هذا أي تغييرات أخرى في الشكل النظامي للمنشأة، مثل تحويلها من شركة فردية إلى شركة مساهمة، أو تغيير نوع الشركة (من ذات مسؤولية محدودة إلى تضامنية، على سبيل المثال). في كل هذه الحالات، تظل عقود العمل سارية.
استمرارية الخدمة
تؤكد المادة صراحة أن "الخدمة تعد مستمرة" في جميع الحالات المذكورة أعلاه. هذا يعني أن الفترة الزمنية التي قضاها العامل في خدمة المنشأة قبل التغيير تُحتسب جزءًا لا يتجزأ من خدمته المستمرة لدى المالك الجديد أو الكيان الجديد. لهذه الاستمرارية آثار هامة على:
احتساب سنوات الخدمة: لأغراض مكافأة نهاية الخدمة، أو أي استحقاقات أخرى تعتمد على طول مدة الخدمة.
الترقيات والخبرة: لا تُفقد سنوات الخبرة المكتسبة، وتُحتسب ضمن سجل العامل لدى الكيان الجديد.
شروط العقد: لا يمكن للمالك الجديد أو الكيان الجديد أن يفرض شروطًا جديدة أو يغير بنود العقد الأصلي بشكل يضر بالعمال، ما لم يتم ذلك باتفاق الطرفين وبما يتوافق مع النظام.
مسؤولية التضامنية عن الحقوق السابقة
الجزء الثاني من المادة يتناول حقوق العمال الناشئة عن الفترة السابقة للتغيير: "أما بالنسبة لحقوق العمال الناشئة عن المدة السابقة لهذا التغيير من أجور، أو مكافأة نهاية خدمة مفترضة الاستحقاق بتاريخ انتقال الملكية، أو غير ذلك من حقوق؛ فيكون الخلف والسلف مسؤولين عنها بالتضامن."
الحقوق المعنية: تشمل هذه الحقوق الأجور المتأخرة، ومكافأة نهاية الخدمة المستحقة عن الفترة السابقة لتاريخ انتقال الملكية (حتى لو لم يحن موعد استحقاقها الكامل)، وأي حقوق أخرى مثل رصيد الإجازات غير المستنفدة أو التعويضات.
المسؤولية التضامنية: يعني هذا أن المالك الجديد (الخلف) والمالك السابق (السلف) مسؤولان معًا عن سداد هذه الحقوق. يمكن للعامل المطالبة بأي من الطرفين، ويكون كلاهما ملزمًا بالدفع. هذا يوفر حماية إضافية للعامل لضمان حصوله على مستحقاته.
انتقال الحقوق في المنشآت الفردية
الجزء الأخير من المادة يقدم استثناءً أو ترتيبًا خاصًا لـ "المنشآت الفردية": "ويجوز في حال انتقال المنشآت الفردية لأي سبب اتفاق السلف والخلف على انتقال جميع حقوق العمال السابقة إلى المالك الجديد بموافقة العامل الخطية. وللعامل في حال عدم موافقته طلب إنهاء عقده وتسلّم مستحقاته من السلف."
خاص بالمنشآت الفردية: هذا الحكم ينطبق بشكل خاص على المنشآت التي يملكها فرد واحد.
إمكانية نقل الحقوق للمالك الجديد بموافقة العامل: يمكن للمالك السابق والمالك الجديد الاتفاق على أن يتحمل المالك الجديد مسؤولية جميع حقوق العمال السابقة. ولكن هذا الاتفاق لا يكون ساريًا إلا بموافقة خطية من العامل.
حق العامل في الرفض وإنهاء العقد: إذا لم يوافق العامل على هذا الترتيب (أي أن تنتقل حقوقه السابقة للمالك الجديد)، فلديه الحق في:
طلب إنهاء عقده: يعتبر هذا بمثابة إنهاء للعقد من جانب العامل.
تسلّم مستحقاته من السلف: في هذه الحالة، يصبح المالك السابق هو المسؤول الوحيد عن سداد جميع حقوق العامل المستحقة عن الفترة السابقة.
الخلاصة
تهدف المادة الثامنة عشرة إلى حماية حقوق العمال وضمان استقرارهم الوظيفي في مواجهة التغييرات الهيكلية والإدارية التي قد تطرأ على المنشآت. إنها تضع عبء الالتزام على المالك الجديد أو الكيان الناتج عن التغيير، مما يمنع إنهاء عقود العمل بشكل تعسفي أو المساس بحقوق العمال المكتسبة لمجرد حدوث تغيير في الملكية أو الشكل القانوني للمنشأة. هذه المادة تعكس التزام النظام السعودي بمبادئ العدالة والإنصاف في علاقات العمل.


















