م.اشرف الكرم يكتب ”“الأداء الوظيفي والظرف الإنساني ”“
حكى لي صديقي عن قصة شيقة وجذابة، تثير العواطف وتدغدغ المشاعر، عن هذا الموظف الذي لم يكن يؤدي أداءا جيدًا، فتم استبعاده من المؤسسة، ولكن بعد استبعاده توقفت العقود والمشاريع التي كانت تذخر بها المؤسسة، رغم عدم وجود أي سبب واضح لذلك، ثم إنهم بعد أن أعادوا نفس هذا الموظف -حيث تم استدعائه وإعلامه لهم بأن لديه ظروفًا إنسانية اجتماعية- فتقوم الإدارة بإعادته للعمل، لتعود إليهم العقود والمشاريع بشكل ملحوظ، وقد فسر لي صديقي ذلك بأن هذا هو مفهوم البركة التي كانت تلازم هذا الموظف، صاحب الظروف الاجتماعيه السيئه.
قلت له يا صديقي إن الموضوع يحتاج إلى تفصيل، ولا حاجة للخلط بين الخطوط المتوازية، حيث لا يجب أن نَصف الموظف الغير منتج -حتى لو كانت لديه ظروف اجتماعية صعبة- بأنه بركة المكان، وأنه يجب أن يستمر في العمل، ولكن قد نقول بوجوب أن يتعرف المدير على مشاكل الموظفين وأن يقترب منهم، وأن يكون عونًا لهم في ظروفهم الاجتماعيه التي يمرون بها من حيٍن لآخر،
لكن أن ندَّعي بأن هذا الموظف الذي لا يُنتج، والذي له ظروف اجتماعيه أو صحية سيئة، أنه بركة المكان وأن "ربنا بيرزقنا عشان خاطره" فهذه دعوة لا أراها صائبة، لأن مجرد وجود هذا النموذج بين الموظفين، دون أن يعرفوا ظروفه الاجتماعيه -حيث غالبًا لا يكون هذا شيئًا معلنًا- فمجرد وجود مثل هذا النموذج يجعل الآخرين يتراجعون في الأداء ولا يؤدون كما يجب، حيث تنتقل عدوى الخمول الوظيفي بسرعة بين الموظفين، وتكون النتيجة الحتمية تراجع الأداء الكلي للمؤسسة،
إنه من الخطورة بمكان، أن نخلط بين أعمال الخير الإنسانية مع الأداء الوظيفي، فقد نستطيع مساعدة الموظف الذي له ظروف خاصة بوضعه في مكان لا يتطلب منه جهدًا كبيرًا، بحسب قدراته المتناسبة مع مشاكله الاجتماعية أو بأي شكل آخر، ولكن ليس من بينها أبدًا أن نضعه في مكان لا يستطيع أن يؤدي فيه انتاجًا بكفاءة، تحت دعوى أن له ظروفًا إنسانية ضاغطة، وأن الله سيرزق المؤسسة برزق هذا الموظف.
ومن ناحيٍة أخرى فقد يكون هناك شخٌص آخر أكثر كفاءة، يحتاج للعمل بشكل أكبر، لكنه محروم من هذا المكان بسبب وجود هذا الموظف الذي لا يُنتج بسبب ظروفه الاجتماعية.
الذي أقصده، هو وجوب الفصل بين المعايير الإنتاجية الوظيفية وأعمال المساعدات الاجتماعية، حيث يجب التمسك بإعلاء معايير الانتاجيه والأداء، وفي نفس الوقت يمكن مساعدة الموظف الذي يحتاج للمساعدات الإنسانية بشكل منفصل عن تقييم الأداء، حتى لا تختل المعايير ونجد الخلل في النتائج العامة للمؤسسات، بسبب الخلط بين الأداء والمساعدات.


















