د محمد المليجي يكتب: قصص المصريين بالخارج
كتب : ا.د.محمد المليجي
المصريين بالخارج مجموعة كبيرة من المواطنين الذين تركوا وطنهم ليعيشوا ولو مؤقتًا في بلاد بعيدة أو قريبة من بلدهم وقد يختلفون في أشياء كثيرة إلا في أنهم مصريين يعشقون وطنهم.
ولو بحثت عن سبب سفر كل واحد منهم لسمعت قصصًا لا حصر لها ولكن غالبية الأسباب هي البحث عن الرزق وفرص أفضل للحياة والسعي خلف نيل الدرجات العلمية من جامعات الغرب والشرق المتقدم.
أي كان سبب ترك المواطن للوطن ، فكل مصري يغادر بلده لفترة طويلة يصبح ضمن ما يسميهم المجتمع بالمصريين في الخارج وهي تسمية لها معني عميق فتصفهم بأنهم مهما بعدوا سيظلوا مصريين ولو عاشوا في الخارج وهذه حقيقية.
قد يكون المصريون في الخارج علماء وأطباء ومهندسين وأصحاب أعمال ومليونيرات ، وقد يكونوا عمالًا بسطاء يكسبون قوت يومهم بشق الأنفس ولكنهم يظلوا من المصريين بالخارج.
عم أحمد حارس بوابة كلية الزراعة بالقصيم كان لا يفارق حجرة الحارس ليل نهار وكان مثل الصقر يراقب الداخل والخارج ولديه دفتر يوقع فيه الذين يدخلون أيام الإجازات، عندما هبت حرب الخليج أُغْلِقت الكليات والمدارس ، وأصبحنا نحن أعضاء هيئة التدريس بلا عمل وغير مصرح لنا بالسفر. لذلك كنا نذهب للكلية بين الحين والآخر.
في أحد الأيام وجدت عّم احمد مُصّر أن يصنع لي كوب شاي وكان ملحًا في طلبه ، فدخلت حجرته وجلست حتى يصنع لي كوب شاي صعيدي على سبرتاية ، ولكنى شعرت أنه يريد أن يقول شيء.
بالفعل عم أحمد وصلته رساله من زوجته أن ابنه مريض ويحتاج إلى أموال فورًا ، وعم أحمد عمره ما مد يديه لأحد ولا استلف من أحد ، ولا يعلم كيف يتصرف !
سألته كم راتبك يا عم أحمد؟ قال العقد بيقول ٩٠٠ ريال في الشهر ولكن الكفيل بيديني ٦٠٠ ريال فقط ، انفق في الشهر ٣٠٠ وادخر ٣٠٠ وكل ما اجمع ألف ريال اروح لبنك الراجحي أحوالهم لأم الأولاد.
المهم إن ربنا سهل ويسرت له مشكلته والحمد لله ، ولكني شعرت بالعجز أمام هذه الفئة من المصريين في الخارج فهم يشبهون العصافير الذين يلتقطون رزقهم الحلال ليطعموا به صغارهم.، وشعرت بقسوة ظروف العمل التى يعيشونها.
عم أحمد أصر أن يكتب ورقة بمبلغ اقترضه ، وعندما قلت له إن هذا غير ضروري بالمرة، أعطاني درسًا في الدين وفي أصول المعاملات الإسلامية وهو رجل شبه أمي. عجبت أكثر لهذا الرجل البسيط الذي يمتلك صفات لا توجد في بعض الحاصلين على الدكتوراه والكثير ممن يأكلون حقوق الناس.
هذه الفئة من الشرفاء والمصريين بالخارج الأحق بالرعاية والأحق بأن تيسر لهم الدولة وشركات الطيران شئون سفرهم وتخفض لهم أسعار التذاكر ولو مرة في العام ، وأن تتولي القنصليات والسفارات الدفاع عن حقوقهم حينما يحتاجون لذلك.
