رامي علم الدين يكتب : "الفشنة" خلاف على حدود أم وسيلة ضغط؟

كتب : رامي علم الدين 

أثارت المنطقة الحدودية "الفشنة" المتنازع عليها بين السودان الشقيقة وإثيوبيا خلال الأيام الماضية القلق والتوتر بين الدولتين ، فقد نبهنا سابقًا لخطورة الموقف، وحرب التوازنات الأفريقية، وهل هو خلاف حدودي فقط أم يمثل ورقة ضغط على السودان لأغراض أخرى؟ وهل حركة أمهرة مدفوعة لإثارة القلاقل بالمنطقة؟
لأول مرة منذ حوالي 25 عامًا قام الجيش السوداني بنشر قوات على الحدود مع إثيوبيا في منطقة الفشقة المتنازع عليها بين السودان وأثيوبيا منذ نحو ستين عامًا.

أعقب الانتشار زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان علي رأس وفد عسكري من قادة الجيش إلى هذه المنطقة لتفقد القوات المتمركزة هناك، وتشهد تلك المنطقة الحدودية توترات كل عام تقريبًا عند موسم الأمطار حيث تقوم عصابات إثيوبيةباقتحام المنطقة للاستيلاء على المحاصيل الزراعية وطرد المزارعين السودانيين من مناطقهم تحت مرأى ومسمع وأحيانًا حماية القوات الإثيوبية.

 أعلن الجيش السوداني في 8 مارس الماضي أن جنديين قد قُتلا وأصيب آخر، في اشتباكات مُسلحة مع تلك العصابات الإثيوبية، مما استدعى زيارة للبرهان تضمنت رسائل صريحة إذ قال: “لن نسمح بالتعدي على أراضينا”
 مضيفًا : “هدفنا حماية أراضينا ومواطنينا على امتداد حدود السودان في كل مكان، وهذا واجب القوات المسلحة السودانية المقدس الذي لن تفرط فيه أبدًا”.

السودان ضاق ذرعًا بالتعديات الإثيوبية المستمرة وعدم إلتزام الجانب الإثيوبي الرسمي بضبط الحدود من جانبه رغم الاتفاقات المستمرة بين الجانبين على ذلك، وآخرها في 12 مارس الماضي، حيث قام رئيس أركان الجيش الإثيوبي بزيارة إلى الخرطوم على رأس وفد عالي وعقد جلسة مباحثات مع نظيره السوداني لبحث التطورات الحالية والموقف بين البلدين.

تتبع العصابات المعتدية حركة أمهرة الوطنية الديمقراطية التي تري أن منطقة الفشقة منطقة إثيوبية تابعة لولاية أمهرة، وقد أصدرت بياناً إنتقدت فيه حكومة آبي أحمد لتوقيعه إتفاقًا مع السودان وطالبت الحكومة الإثيوبية بأن تدفع بإنسحاب الجيش السوداني من المنطقة.

تعرض رئيس الوزراء الإثيوبي لمحاولة اغتيال في يونيو 2019، يشتبه أن حركة أمهرة هي التي تقف وراءها متهمة آبي أحمد بأنه يعمل على تكريس سيطرة عرقية الأورومو على السلطة، مع تنحية عرقيتي الأمهرة والتيجراي، خلافات داخلية تكاد تقصم ظهر رئيس الوزراء الإثيوبي المقبل على انتخابات في أغسطس المقبل2020 ، ويضطر لغض الطرف عما تقوم به عصابات الشفتة في سياق لعبة سياسية وكجزء من سياسة الترضية تجاه عرقية الأمهرة.

تتزامن هذه التوترات الحدودية مع مرور عملية التفاوض حول سد النهضة بمنحنى صعب بعد إنسحاب إثيوبيا من المفاوضات التي تمت في واشنطن وتأكيد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك خلال لقائه بمدير المخابرات العامة الوزير عباس كامل ووزير الري ، الدكتور محمد عبد العاطي إلتزام السودان بمسار واشنطن للمفاوضات.

هناك تخوفات سودانية من إقدام إثيوبيا على ملء وتشغيل سد النهضة دون التوصل لاتفاق، لما سيخلفه ذلك من آثار على السودان لأنها ستكون أكبر المتضررين من إنهيار السد حسب بعض التقديرات والدراسات، لأن النيل الأزرق يصحبه تيار قوي وجارف وقد بنى السد بهذه الضخامة دون اشتراطات السلامة.

وتقع منطقة الفشقة بالقرب من موقع سد النهضة، وربما تعمد إثيوبيا إلى استخدام هذه المنطقة كورقة في عملية التفاوض، فإما أن يسير السودان في المسار الإثيوبي، أو يُهدّد بإثارة الصراعات في هذه المنطقة .

وهناك الكثير من الأطروحات بضرورة تقوية موقف السودان في منطقة الحدود المتنازع عليها فنحن نراقب تطورات الوضع في تلك المنطقة الحساسة لأهميتها الفائقة، على قضية المفاوضات مع الجانب الإثيوبي بسد النهضة، وخطورة ما قد يلحق بالسودان الشقيق.