نجوم خالدون ونجوم مفلسون
بقلم : د.محمد بدير الجَلب
النجومية شهرة وأضواء وفلوس، وحظوظ... وتكون نقمة إذا كانت تخطي رقاب ، ودوس على الأعناق، وتجاهل للأخلاق ، وسيطرة ، وغرور، ونفوذ.. وهي نعمة إذا كانت تهذب النفوس، وترقق القلوب، وتسعد الآخرين ، وتحترم الأخلاق، وتزيد التواضع ، وتشكر الخالق ، وتسجد لمن وهب الأضواء وأعطى الفلوس.
والنجومية لها تاريخ ومؤرخون، ولكن التاريخ لا يجبذ قراءته وفهمه بعض النجوم المغرورين، والمؤرخون يهزأ بهم هؤلاء الذين صعدوا واعتقدوا أنهم لن ينزلوا... والذين ركبوا وظنوا أنهم لن يهبطوا... مثل هؤلاء النجوم اللامعة في سمائهم لا يدركون أن سمائهم غادرة، لا تبقي النجومية كثيرًا، ولا تطيل ضياء النجومية طويلًا.
فكثير من النجوم انطفأ ضياؤهم سريعًا أوبطيئًا...وخفتت الأضواء حولهم فأصبحوا مجهولين بعد أن كان يشار اليهم بالبنان، وكثير منهم عاش في الظلام والنسيان بعد الشهرة وطول الذكر ، وكثير منهم عاش الفقر والعوز بعد أن كان يظن أن ماله وفلوسه تغطيه حتى مماته.
إن مثل هؤلاء لم يدركوا أن النجومية والشهرة والفلوس هي امتحانات من الله ، واختبارات لهم؛(وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ)، فمن اتقى الله ظفر وطالت شهرته وبريقه وزاد ماله وكانت الجنة جزاؤه، وأما من طغى وتكبر وظلم واغتر بنفسه فجزاؤه إفلاس من كل شيء... إفلاس وضياع الشهرة، وإفلاس وضياع الأضواء، وإفلاس وضياع المال، وإفلاس في الآخره بحرمانه من الجنة.
إن التاريخ يسطر نجوم خالدون ازدادوا نجومية وغنى... فالخالدون هم من سخروا نجوميتهم لتطوير مجتمعاتهم والقرى الفقيرة في بلادهم، وهم من مدوا أيديهم ودفعوا أموالهم لبناء مشاريع تنموية تساعد الفقراء والناس الموجودين حواليهم... وهم من جعلوا نجوميتهم وأموالهم ونفوذهم وسيلة لتحسين العالم من حولهم، فساهموا في مشاريع الخير والتنمية، وسافروا للبلاد الفقيرة لينفقوا آموالهم ووقتهم وجهدهم على الفقراء والمساكين لينفذوا لهم مايحتاجون إليه من مشاريع ومدارس ومستشفيات، ويقدموا لهم ماحرموا منه المياه والغذاء...
إن مثل هؤلاء النجوم الخالدون تم تخليدهم وتكريمهم في المحافل الاقليمية والدولية لدورهم في تطوير الإنسانية والمجتمعات، والمساهمة في تطوير الأعمال الخيرية والتطوعية التي تساعد طبقات المجتمعات الفقيرة أو التي تقع تحت وطئة المجاعات والحروب والكوارث الطبيعية، إنهم خالدون بأعمالهم وانجازاتهم، وليس بنجوميتهم وشهرتهم.
