قلم روبابكيا ..........!! بقلم دكتور محمد حسن كامل
كانت سعادته لا توصف حينما كان يقضي عطلة أخر الأسبوع في مكانه المفضل
نعم , هذا المكان الذي يلتقي فيه الماضي بالحاضر وربما يضع تصوراً للمستقبل
ولِمَ لا , وهو يتنفس في هذا المكان شهيق السعادة بكل ما فيها من سعادة .
قد يدفعك الفضول أن تسأل عن هذا العنوان
ربما تحدثك نفسك أن تسبقه لتمارس تلك الهواية .
لن أطيل عليك عليكم يا سادة
ولن أكون سبباً لتأخركم عن السعادة .
هذا المكان " سوق الروبابكيا " أي الاشياء القديمة
سوق موجود في كل حتة في العالم
تبدأ مراحل تلك المهنة عندنا في مصر " بالسريح " عربة يجرها " حِمار " أو نصف نقل قديمة ومكبر صوت , لا تتوقع أنك سوف تسمع صوت العندليب أو فريد .
ــ أي جاجة قديمة للبيع بصوت مزعج وأنت وحظك ......روبابكيا .
صاحبنا من عشاق سوق الروبابكيا , والناس في الحب والعشق مذاهب .
صاحبنا كان له هواية مفضلة ....ماهي ؟
كان يشتري الأقلام القديمة
كان مولعاً بتلك الهواية
كان يعتقد إنه سوف يشتري يوماً ما قلم العقاد أو قلم المنفلوطي , وربما قلم فيكتور هوجو أو فولتير بل كانت احلامه تطير إلى قلم الحكمة من سقراط أو قلم المدينة الفاضلة من أفلاطون .....أحلام في أوهام ....وأوهام في أحلام ....ويكثر الكلام بدون كلام .....روبابكيا ......!!
كان يلقي ببصره عن اليمين واليسار حتى لا يفوته شئ .
وفجأة تسمرت قدماه .
ــ يا إلهي ما أروع هذا القلم .... ؟ قال في نفسه ....!!
قال : كأنه قلم " نابليون بونابرت "
نعم هو قلم نابليون بونابرت ....!!
سأل البائع الذي يجهل أي معلومات عن القلم إلا ان ثمنه زهيد وهوفيه أزهد الزاهدين حصل صاحبنا على تلك الثروة .
وصل إلي منزله وتحقق انه قلم نابليون بونابرت
وضع القلم بجانب أوراقه ريثما يفكر في موضوع قصته الجديدة
كان يفكر في اقوال نابليون هذا العبقري الداهية في الحب والحرب
فوجد القلم يتحرك بمفرده ويكتب اقوال نابليون التي سطرها للتاريخ منها :
" القائد هو تاجر الامل. أفضل مزايا القادة، برودة الاعصاب. جيش من الوعول يقوده أسد، خير من جيش من الاسود يقوده وعل. قلب القائد يجب ان يكون في رأسه. جبان واحد في جيشي، أشد خطراً علي من عشرة بواسل في جيش الأعداء. الهجوم خير وسيلة للدفاع. ان سبب انتصاري على أعدائي هو معرفتي لقيمة الدقائق الخمس. إنني أتوجس خيفة من ثلاث جرائد أكثر مما أتوجس من مائة ألف مقاتل. اخطر الاوقات هي أوقات النصر.تفسد المؤسسات حين لا تكون قاعدتها الأخلاق. الأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها. فتّش عن المرأة. المراة الصالحه امنع الحصون. أجمل نساء العالم هي المرأة التي أحب. من فتح مدرسة أقفل سجنا. أفصح الخطباء هو النجاح. قوام الحرب ثلاث : المال والمال والمال. مثل الذي خان وطنه وباع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه. حياة بلا عمل عبء لا يحتمل. ينبغي أن يكون الدستور قصيراً ومبهماً. لا يعني الموت شيئاً، لكن أن تعيش مهزوماً وذليلاً يعني أن تموت يومياً."
كان صاحبنا خجولاً لدرجة كبيرة لا يصدقها أحد .
كانت فكرة القصة في قلبه وعقله
وهنا حدث أغرب شئ في الوجود ....!!
ماذا حدث ؟
حينما فكّر صاحبنا في قصته
تحرك القلم بمفرده وكتب كل أحداث القصة باسلوب رائع وكأنه شكسبير .
ترجم القلم كل مشاعر وأفكار صاحبنا بكل عبقرية وإبداع بإسلوب يضاهي عظماء الكتاب في العالم .
صمت صاحبنا قليلاً وكأن الزمن توقف له وهو يفكر في حبيبته
كان يود ان يقول لها الكثير والكثير
لديه مشاعر فياضة تفوق كل حب في كل قلب
بينهما بلاد وبحار وقارات
لم يلتقِ معها بعد ....وكانت بينهما قصة حب رائعة عبرتبادل الخواطر.
وبمجرد أن فكّر صاحبنا في حبيبته .....راح القلم يسطر كل شئ من قلب الرجل وباسرع من الضوء القى الخطاب في قلب حبيبته.
أصبح القلم ساعي البريد بين الحبيبين ينقل الرسائل بينهما
أطلق القلم على رسائل الحب بينهما " بالواجب "
وظل القلم الساحر هكذا ينقل الواجب بينهما وكأنه هدعد سليمان الحكيم
حتى حان اللقاء بين الحبيبين
وفي أول ثانية في اللقاء
قالت له : حبيبي كم انتظرت تلك اللحظة طيلة عمري كم أحبك ......!!
وقال لها وأنا أيضاً أحبك فقد كنت أسابق نبضات قلبي إليكِ
وفي حفل الزواج , قفز القلم بين أناملها لتوقع على عقد الزواج , ثم قفز بين يديه قائلاً الأن وقِع هنا.....
هنا إبتسم القلم وقال : لهما وداعاً , وتحول إلى بخار وأختفى بعد أن اتم المهمة .
ومنذ ذلك اليوم وصاحبنا يبحث عن القلم في سوق الروبابكيا
هل يلتقيا مرة أخرى في سوق الروبابكيا
بكيا أي اقلام قديمة للبيع ......!!
دكتور/ محمد حسن كامل
رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
