التجارة الإلكترونية.... المزايا والمعوقات

كتب : د.زكي السيد

 لقد شهد العالم في الآونة الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بالتجارة الالكترونية، وذلك كنتيجه حتميه وضروريه للتطورات والمستجدات الحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي شهدها العالم الفسيح الأرجاء، المتعدد الأعراق والثقافات ،المتباين بين الغنى الفاحش والفقر المدقع، والواسع الهوة بين شعوب متقدمة وأخرى متخلفة،  حيث لعبت ومازالت تلعب الشبكة الدولية للمعلومات أو ما يعرف بالإنترنت دورًا رئيسيًا ومهمًا كوسيط لاستكمال تنفيذ أعمال التجارة في شكلها الحديث والمعاصر والمعروف بالتجارة الإلكترونية.

 ما من شك أن هناك اختلاف واضح في الجوهر والمضمون بين التجارة الالكترونية والتجارة بمعناها التقليدي ، فالأولى تتفوق على الثانيه كونها تعكس واقعًا جديدًا في مجال البيع والشراء وعقد الصفقات معتمدة فى ذلك على كثافة وغزارة المعلومات التي يوفرها  المنتجون والوسطاء ومقدمو الخدمة ،  ناهيك قطعًا عن استحداثها مفاهيم وأفكار ونظم جديدة.

بيد أنه من الصعب  التنبؤ بمستقبل التجارة الإلكترونية وإمكاناتها ،دون استقراء أهم المزايا والمعوقات التي قد تواجه مسيرتها من التطور :

مزايا التجارة الالكترونية :

- يومًا تلو الآخر تتزايد أعداد الشركات والتجار والمستهلكين، الذين يعبرون عن ثقتهم وتفاؤلهم بمستقبل التجارة الإلكترونية والفوائد المرجوة منها ، فالتجارة بشكلها الجديد قد ساهمت في خلق أجواء من المنافسة بين الشركات الصغرى والكبرى ، فضلًا عن دورها الرائد فى إشباع رغبات المستهلكين والوقوف جليًا على خصائص المنتج المطلوب كما لو كانوا في متاجرًا حقيقيه وهي بذلك اختصرت الوقت والمجهود في الشراء والتسويات المالية ، وعمليات النقل والشحن. 

من هذا المنطلق تتمتع التجارة الإلكترونية بالعديد من المزايا التى تعود بالإيجاب والنفع على الشركات والأفراد والمجتمع، والتي يمكن إيجازها فيما يلى :

على صعيد المستهلكين :

١-  تتيح التجارة الإلكترونية حرية الاختيار أمام المشترين من أفراد وشركات ، حيث أصبح بإمكان من ينوى الشراء استعراض  كافة المواصفات الخاصة بالمنتجات والمقارنة بينها واختيار العديد من البائعين وأكثر من منتج  دونما اية ضغوط من الباعة أو إضاعة الوقت بسبب تنقله من مكان لآخر.

٢-  تعمل التجارة الإلكترونية على تبسيط الإجراءات من خلال تقليص القنوات الروتينية التي تنتقل من خلالها السلعه أو الخدمه حتى تصل إلى المستهلك، مما يؤدي إلى تقليل الوقت المستغرق بين إنتاج السلعه أو الخدمه واستهلاكها ،كما أنه يقلل من تكلفتها نتيجه تقليل عمليات النقل والتوزيع من الوسطاء،  الأمر الذي يؤدي إلى خفض قيمة السلعة بالنسبة للمستهلكين .

٣- التجارة الالكترونية تسمح  للزبائن لتبادل الخبرات والآراء بخصوص المنتجات والخدمات عبر المجتمعات الالكترونية كالمنتديات مثلًا .

على صعيد الشركات :

١- تؤدي التجاره الالكترونية إلى توسيع نطاق السوق إلى نطاق دولي عالمي ، حيث يمكن الوصول إلى الأسواق البعيدة والمبعثرة جغرافيًا، و التى يصعب الوصول إليها باستخدام الطرق التقليدية  حيث ألغت الحدود والقيود أمام المستثمرين ، المستهلكين والباعه بغض النظر عن الموقع الجغرافي للبائع أو المشتري .

٢- التجارة الالكترونية أيضًا تخفض الفترة الزمنية ما بين دفع الأموال والحصول على المنتج أو الخدمه.

٣-  تعمل التجارة الإلكترونية على تخفيض تكاليف الاتصالات السلكية واللاسلكية لأن الإنترنت أرخص بكثير من شبكات الاتصال الأخرى.

على الصعيد المجتمعي :

١- تبيح التجارة الإلكترونية زياده عدد الأفراد الذين يعملون من داخل منازلهم وتقليل الوقت المتاح للتسوق ، كما تسهم جليًا فى  الحد من التلوث البيئي .

٢- تسمح التجارة الإلكترونية بتوصيل الخدمات العامة التي تقدمها المؤسسات الحكومية في "الرعاية الصحية والتعليم وتوزيع الخدمات الاجتماعية" بتكلفة منخفضة وبكفاءة أعلى.

معوقات التجارة الإلكترونية :

 لقد أفرزت التحولات واستخدام الثقافة الحديثة في مجالات الاقتصاد والأعمال والتجارة نوعًا جديدًا من الاقتصاد  هو " الاقتصاد الرقمي" ، والذى  تجسد في ظهور التجارة الإلكترونية تلك التي خرجت من رحم شبكة الإنترنت ، الشبكه التي نشأت عن عن عملية التزاوج بين التقنية والمعلومات، والتي دفعت العالم لتقدم نوعى جديد ،أصبح فيه العالم  المترامي الأطراف قرية كونية صغيرة،  تتنقل فيها المعلومات الإلكترونية بسرعة فائقة عبر شبكة الإنترنت، وقد أسهم ذلك جليًا في توسيع دائرة حجم التبادل التجاري بين دول العالم، وأضحى العالم في سوق الكترونية تنافسية واسعة لمختلف السلع والخدمات..
- وعلى الرغم من هذا التطور الهائل للتجارة الالكترونيه ، إلا أنه لازالت هناك الكثير من العقبات والمخاطر التى تؤرق واقعها المعاصر ، فتكنولوجيا التجارة الإلكترونية تكنولوجيا سريعة التغير والتطور وكل تغير او تطور يجابه اخطار جديدة. 
وعلى ذلك يمكن أبرز أهم المخاطر والمعوقات التي تقف حائلًا أمام تطور التجارة الالكترونية من خلال إيجازها فيما يلى :

 مخاطر تتعلق بالناحية التقنية والفنية :

 يستطيع قراصنة الحاسوب اختراق نظام الحماية والسرية الخاصة بالمواقع التجارية وانتهاك السريه والخصوصيه وحرمة الآخرين، والتوصل إلى كافة المعلومات الشخصية، والتلاعب بها  بمحوها أو تشفيرها أو تحويل مجراها بدون مبرر أو مسوغ قانوني ، لما يتمتع بها هؤلاء الأفراد من خبرات طويلة ، ومهارات التعامل مع الأجهزه المتطوره.

 يستطيع أي محتال بتكلفة قليلة جدًا، نظرًا للتكلفة المنخفضة لبناء مواقع الإنترنت، وسهولة نسخ صفحات من مواقع شركات تجارية بناء مواقع غير شرعية تتقمص واجهه مواقع شركات حقيقية مشهوره من أجل خداع الزوار، لإعطاء معلوماتهم الشخصية من أرقام بطاقات الائتمان الخاصة بهم ،ظنًا منهم أن المواقع المتقمصة مواقع شركات محترمه.

مخاطر تتعلق بالناحية القانونية :

هناك العديد من الإشكاليات التي اعترت واقع التجارة الالكترونية من الناحية القانونية ، تتبلور هذه الإشكاليات فى الأثر الدامغ لاستخدام الوسائل الإلكترونية في تنفيذ الأنشطة التجارية ، لعل أهمها :

•تتزايد على شبكة الانترنت العديد من المواقع  الوهمية ذات المحتوى غير المشروع المنافي للأخلاق والنظام العام ،الأمر الذي يتطلب ضرورة حماية المستهلك من الأنشطة الاحتيالية المباشرة. 
• هناك العديد من الإشكاليات التي تتعلق  بمنازعات الاختصاص القانوني والقضائي والتي يمكن أن تثار أيضًا في نطاق التجارة الالكترونية.

• عدم وجود وثائق ورقية لإثبات الصفقات التجاريه يثير إشكالية أخرى حول حجية العقد الالكتروني ومدى قانونية التوقيع الإلكترونى باعتباره بديلًا للتوقيع العادى. 

وعلى الرغم من تلك العقبات والمخاطر التي تعتري أجواء التجارة الالكترونية إلا أن الأخيرة قطعت أشواطًا كبيرة ومراحل متقدمة في التقنية واستخداماتها ، وتبشر العديد من الدراسات العالمية بمستقبل مشرق للتجارة الالكترونية، وأن آفاقها وإمكاناتها لا تقف عند حد وقد ثبت بالفعل أنها وجدت لتسود.