التنظيم السري

"تخبُّط الإخوان يزيد من إنغماسهم بالخطيئة"

حينما ينعدم المشروع وتحكم الأهواء ويتجرد الفرد والجماعة من روابط الوطنية ومن مشروع الدولة، ويحتكم لأيدلوجية قائمة على مبدأ المتاجرة بالشعارات الدينية، وسوء تفسير منهج "البيعة" في الإسلام، أفكار ظلامية نبعت من قعر فكر يرى كل من عارضه، الفكرة والوسيلة، مشروع مقتول أو مخفى أو مهجر عن وطنه ليكن في الحكم والمسيطر المتفرد بالسلطة والثروة، هنا تكون المصيبة وتسود الكارثة كل مناحي الحياة، وتسود الفوضى، والتفكك، والانقسامات، وربما تعجل بالخراب والحروب الأهلية.

التاريخ لا يرحم ولم يرحم حتى الحركات اليسارية الوطنية التي حاولت الانفراد بالسلطة، وإقصاء الآخرين وما زال إلى الآن التاريخ يجلد بسياطه حركات ثورية يسارية كثيرة استخدمت أسلوب القمع، والإقصاء ظناً منها أنها بذلك تساعد على بناء بلد ديمقراطي حديث، ومنها على سبيل المثال لا الحصر "حركة كمبوديا" والتي اعتبرها اليساريون لعنة حلت على اليسار لتشويه هذا النهج الديمقراطي المناضل من أجل حرية الشعوب وطبقة "البلوتاريا" والتي لا يزال وسيظل اليسار يكافح من أجل حرية الشعوب وتقدمها الاجتماعي ما بقي في الأرض فقراء ومعدمون.

لم يستفد اليمين المتطرف غير الممتلك مشروعاً ولا رؤية من تجارب اليسار في الإقصاء، كان اليمين المتطرف الإسلامي سباقا بل ومحتل الصدارة في هذا المضمار منذ بداياته الاولى وهو يجتر هذا المنسوب الدموي على مر الحقب المتوالية منذ إنشائه تحت مسمى (الإخوان ) وقد كان أول تطبيق عملي لهذا الفكر المبني على الإقصاء للاخر بغض النظر عن الوسيلة، هي حادثة اغتيال القاضي "الخازندار" ثم تلتها حادث إغتيال "محمود فهمي النقراشي" باشا وكلتاهما كانت بداية هذا الفكر الدموي القائم على القتل للمعارض وإن اختلفت الطريقة، فطريقة الإقصاء هي إحدى طرق التمكين لهذه الجماعة، باستخدام الجناح المسلح للجماعة، مقتل "أحمد ماهر باشا" الذي إغتيال الإخوان أيضا عام 1945.

فما إن وصل الإخوان إلى كرسي الحكم 2012، إلا وبدأت في إقامة مجزرة بشعة لكل المؤسسات السيادية فيها ومنها مؤسسة القضاء والجيش والداخلية، بل إن نائب المرشد "خيرت الشاطر" قام باستغلال نفوذه في الوزارات استطاع ان يجبر الكثير من الشركات العملاقة في مصر على اعلان افلاسها وقام بشرائها ليستحوذ مع التنظيم الدولي للإخوان على غالبية الاقتصاد المصري، وكان أحد شركائه الإخواني اليمني حميد الأحمر، ومع هذا كله لم يستطع الإخوان بسياسة التمكين لجم جماح الشعب المصري الذي خرج بكل أطيافه وطوائفه وطبقاته الإجتماعية وبمؤازرة الجيش للإطاحة.. وكانت المعجزة.

اليوم هي الذكرى الثانية والسبعون لإغتيال واحد من زعماء الوطنية المصرية "محمود فهمي النقراشي" باشا رئيس مجلس الوزراء المصري الذي واجه عنف الإخوان وحل جماعتهم لأول مرة في التاريخ، لقد كان سابق عصره، وقارئ جيد للمستقبل، فكان جزاؤه القتل من التنظيم الخاص، "النقراشي" هو أول مسئول في الدولة المصرية يواجه الإخوان علنية ويتهم مرشدهم" البنا" بتشكيل فرق مسلحة وتخزين السلاح، حقائق لا تقبل النقاش و لا يوجد فيها أي إفتراء علي أحد، وبعض التساؤلات من الذي شارك في قتل 118 إنسان بريء في أسيوط سنة 1981 ؟ أليس عاصم عبدالواحد، أليس طارق الزمر ورموز الجماعة الاسلامية التى شارك فى تأسيسها أبو الفتوح هي من شاركت في قتل الزعيم الراحل السادات سنه 1981، من الذي قال طز في مصر ؟ أليس المرشد السابق لهم مهدي عاكف، من الذي قال أن العمليات الإرهابية في سيناء ستتوقف فور رجوع مرسي إلي كرسي الحكم ؟ أليس نائبهم السابق محمد البلتاجي. من الذي قال لو شفيق كسب هنولع في مصر واللي هيرش مرسي بالميه هنرشه بالدم وأننا سنقوم بإجراءات تصعيدية و سنقتحم دار الحرس الجمهوري؟أليس صفوت حجازي.

من الذي فض إعتصام قصر الإتحادية بالقوة و اشتبك مع المعتصمين مما أدي إلي مقتل العشرات، و من الذي قام بإحتجاز وتعذيب المعتصمين علي أسوار القصر في أغسطس 2012 ؟ ، من الذي حاول إغتيال جمال عبدالناصر بعد التنسيق مع المخابرات الإنجليزية ؟ جماعة الإخوان، من الذي قتل 9 شباب في المقطم برصاص قناصة، و 34 مواطن مصري في بين السرايات، و12 مواطن في المنيل، وغيرهم ؟

من الذي طالب أمريكا بإرسال قواتها العسكرية لإحتلال مصر وإعادة مرسي للحكم ؟ عصام الحداد وأخيه جهاد الحداد.

كشف التحقيقات أن محمود عزت كان كنزًا دفينًا من المعلومات، حول تمويل أنشطة الإخوان المسلمين في مصر وعلاقتها بحماس والإخوان المسلمين العالمية، كشف المعلومات عن أنشطة إستثمار الجماعة أسفرت عن إعتقال، مجموعة من رجال الأعمال المصريين الذين إستخدموا هذه الأموال ومولوا أنشطة الحركة الإرهابية من الأرباح،ويشير التقرير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر تعمل كـ"مافيا دولية متعددة السلاح" تغلغلت في جميع مجالات الحياة في مصر وبعض الدول العربية.

كما كشف التحقيق عن نشاط مالي يخص حركة حماس، وأن الجماعة تستثمر أموال حماس في عدة شركات في مصر وخارجها مقابل 30٪ من الأرباح، وقد تلقى قادة حماس تبرعات لدعم أنشطتهم، وعقدوا إجتماعات في عدة دول عربية منها سوريا والجزائر، بالإضافة إلى المساعدات المالية التي يتلقونها من إيران، 60 في المائة من هذه التبرعات يتم تحويلها إلى الصندوق الدولي لحركة الإخوان المسلمين الذي تستثمره ، والباقي 40 في المائة يوزع على قيادات الحركة ، وتحول 30 في المائة من الأرباح إلى حماس.

من هنا كان هذا التنظيم الإرهابي أكثر غباءً فهو ما زال يصر على تلك الطريقة المقيتة في القتل، وإقصاء الآخر بالاخفاء والتهجير، هذه السياسة الإخوانية المفتقدة للمشروع والوطنية، معتمدة على المتاجرة بشعارات دينية، نجحت فعلياً في مآربها بتفكيك بعض الدول، وأفتعال الأزمات والكوارث، والانقسامات، وسقوط بعض الأنظمة الحاكمة ، هذا التخبط الذي وصلت إليه مليشيا الإخوان جعلهم يفقدون حتى التفكير في كيفية الخروج منه، فحاولوا جاهدين لفت الأنظار إلى أماكن أخرى لتقيهم من سيا

ط النقد التي نالتهم وليحاولوا تخدير المجتمع بأحداث أخرى، وهي نفس ما يفعلون دائما، مقلق جداً هذا التخبط والمقلق أيضا خطورة وصول هذه المليشيا المتطرفة بالتضحية بافرادها من اجل حرف الانظار عن القضية الأساسية، وهي الحرب العلنية الخفية بين اذرع التنظيم الإرهابي.

وهنا يأتي دور المثقفين، والسياسيين، والمفكرين، بل ويمتد إلى كافة أطياف المجتمع الحي الناقد الثائر، المستيقظ، الحريص على الأمن والسلام، والحياة الكريمة، هل كانت تضحياتكم وأمنياتكم في أن تصل الأوضاع إلى ما وصلت إليه؟

رحم الله ضحايا الإخوان حول العالم.
رحم الله شهداء الوطن.