×
17 شوال 1445
25 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

وبالوالدين إحسانًا : كل ماليس إحسانًا إساءة

المصريين بالخارج

لما علا صوته على صوت أمه .. لم يسامح نفسه ، إنه ابن عون ، ووجد أن لكل شيء كفارة ، وإن كفارة القتل الخطأ أو الظهار فك رقبة ، فليكن كفارة ارتفاع صوته على صوت أمه فك رقبتين ، أعتق رقبتين .. على الرغم من أن فك رقبة واحدة هي اقتحام العقبة .

وهذا زين العابدين بن الحسين ، وكانوا يقولون عنه أبر الناس بأمه ، لا يأكل أبداً معها ، فقيل له : نراك أبر الناس بأمك ، لكنك لا تأكل معها ، فقال : أخاف أن تسبق عينها إلى شيء من الطعام وأمد يدي وأنا لا أدري فآكله ، فأكون قد عققتها .

ويحاول أحدهم أن يقتل عقرباً رآها في بيته ، فهربت منه إلى جحر ، لكنه يدخل يده خلفها ، وهو لا يراها ، فضربته ، فقيل له :

ـ يا كهمس .. كنت في غني عن ذلك .. لماذا أدخلت يدك خلفها بعد أن ابتعدت عنك؟ فقال كهمس بن الحسن :

ـ خفت أن تخرج ، وتجيئ إلى أمي فتلدغها ..

هكذا ، يتطوع بالتعرض للدغة ليصون أمه من لدغة قادمة .. وفي الأمثال العربية يقولون أبر من فلحس ..

أتدرون من فلحس ؟؟ إنه رجل من شيبان ، حمل أباه على عاتقه إلى بيت الله الحرام حتى يحج . وقد تقول ، فماذا في ذلك ،؟ كثيرون فعلوها .. وأقول لك : فهل كان أبوهم خرفاً مثل أبي فلحس .. ؟ نعم ، كان الرجل خرفاً لا يعي بما يفعله ابنه له ..

وما قيل عن فحلس لأبيه ، قيل عن العملَّس لأمه ، فقد كان يحملها على عاتقه . ولذلك قيل أيضاً أَبَرُّ مِنَ العَمَلَّس , وهذا عبد الله بن عمر : يرى إعرابياً كان عمر بن الخطاب يوده قبل أن يموت .. فيعطيه عمامته ، وينزل له عن راحلته ليركب .. فقيل له : إنه إعرابي يرضيه اليسير .. فقال : إن أبر البر .. صلة الولد أهل وُد أبيه ..

وترتفع أسعار النخيل فتصل النخلة إلى ألف درهم ، وتتوق نفس أم أيمن إلى جمار النخلة ، فيعمد ابنها أسامة بن زيد إلى جمار نخلة ، فيأتيها به ، فيقولون له : أتفعل هذا .. وقد وصلت النخلة إلى ألف درهم .. فيقول لهم : ما كانت تطلب شيئاً .. ولا أحضره لها ..

ويرجع طلق بن حبيب ليجد أمه وزوجته متشاحنتين ، فهم بطلاق امرأته ، فقالت له أمه :

ـ يا بني أنا أظلم منها ، وأنا بدأتها وظلمتها ..

فقال لأمه ..

ـ صدقت ، لكن لا تطيب نفسي أن أحتبس امرأة .. بكيتِ منها ..

وطلق امرأته لأنها تسببت في دموع أمه ..

ولا يخفي على أحد قصة ثالث الغار ، لما سدت صخرة باب الغار ، فبدأ كل منهم يذكر ما فعله من بر، ليرفع الله عنهم البلاء ، كان أحدهم من تأخر على أبويه باللبن ، فناما ، فظل يحمل القدح في يده ينتظر استيقاظهما حتى الصباح . فانفرجت الصخرة شيئاً .. ولها أن تنفرج ..

أما حارثة بن النعمان .. فحدث ولا حرج .. إنه الرجل الذي قادته أمه إلى الجنة .. يقول صلى الله عليه وسلم ..

ـ بَيْنَا أَنَا أَدُورُ فِي الْجَنَّةِ، سَمِعْتُ صَوْتَ قَارِئٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ.

كَذَلِكَ الْبِرّ . قَالَ: «وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ ,

إنه الرجل الذي رد جبريل أمين الوحي عليه سلامه مرتين ، كان جاراً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وعندما جاء للنبي أهله بعد الهجرة ، أنزلهم في بيته ، وكلما تزوج النبي وأراد بيتاً لزوجته نزل حارثة عن بيته للنبي وانتقل في بيت آخر مجاور ليكون بيوت أزواج النبي متجاورات . وعندما قدم صلى الله عليه وسلم من خيبر ومعه صفية أنزلها في بيت حارثة ، فترك حارثة بيته لها وانتقل إلى بيت مجاور .

ولما تزوج علي بن أبي طالب فاطمة ابنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، أرادها النبي بجواره ، فقال له علي :

ـ يا رسول الله، فكلم حارثة بن النعمان أن يتحول عني .

ـ قد تحوّل حارثة عنا حتى قد استحييت منه .

فبلغ ذلك حارثة فتحول، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:

ـ يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد تحول فاطمة إليك، وهذه منازلي وهي أسقب بيوت بني النجار بك، وإنما أنا ومالي لله ولرسوله، واللهِ يا رسول الله المال، الذي تأخذ مني، أحب إليّ من الذي تدع.

ـ صدقت، بارك الله عليك .

فلم يبادل حارثة علياً في البيوت ، لكنه تنازل عن بيته للنبي صلى الله عليه وسلم . فحولها رسول الله إلى بيت حارثة.

وهو من المائة الصابرة الذين صبروا مع النبي يوم حنين ، الذين تكفل الله عز وجل بأرزاقهم وأرازق عيالهم لما أبلوه من صبر يومها . وهو الذي قال عنه الناس : إن حارثة أفسده الحياء . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

ـ لو قلتم أصلحه الحياء لصدقتم ! .

و لما كف بصره ، جعل خيطاً في مصلاه إلى باب حجرته ، ووضع عنده مكتلاً فيه تمر وغير ذلك ، فكان إذا سأل المسكين أخذ من ذلك التمر ، ثم أخذ من ذلك الخيط؛ حتى يأخذ إلى باب الحجرة ، فيناوله المسكين ، فكان أهله يقولون : نحن نكفيك ، فيقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن مناولة المسكين تقي ميتة السوء « .

لكن هل تسمعون عن أويس .. الذي أسلم في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، لكنه لم يحضر إليه ليفوز بصحبته ، فقد منعه من ذلك بره بأمه .. فهو خير التابعين لأنه آثر أن يكون تابعياً لا صحابياً ، لذلك قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه عنه ..

ـ مروه .. فليستغفر لكم ..

يا الله .. تابعي .. ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول للصحابة مروة فليستغفر لكم .. تابعي يستغفر لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لماذا .. ما الذي جعله في هذه المنزلة التي ينشد فيها الصحابة دعاءه لهم ؟؟ ليس إلا بره بأمه .. الذي اختاره على تقدمة نفسه ..

لم يكن غريباً إذن أن يكون أشقى الناس من لا يحمله إدراك والديه عند الكبر إلى ألجنة ، قال الحبيب صلي الله عليه وسلم .. رغم أنفه ثلاثاً .. من أدرك والديه عند الكبر ، ولم يدخل الجنة ..

وإن كانت الصلاة أحب الأعمال إلى الله عز وجل ، فليس بعدها إلا بر الوالدين ، يسبق الجهاد في سبيل الله . فأحب الأعمال لله بعد الصلاة بر الوالدين ثم الجهاد في سبيله .

ولما مات عمر بن ذر ، سئل أبوه عنه .. فقال : ما مشيت معه بليل قط إلا كان أمامي .. يقيه الخطر .. وما مشيت معه بنهار قط إلا كان خلفي ، وما علا سطحاً قط وأنا تحته . إن كل نظرة رضا من أبيك إليك تكتب لك بها فك رقبة . وإن نظر لك في اليوم الواحد مئات المرات ، فالله أكبر ..

إن دعوة الأنبياء : رب اغفر لي .. ولوالدي .. قالها نوح عليه السلام : رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً .. وقالها .. إبراهيم عليها السلام : رب اغفرلي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ، ولا فرق بين الدعوتين سوى دعوة في الدنيا .. من نوح ، ولهذا قال : ولمن دخل بيتي مؤمناً .. ودعوة إبراهيم للآخرة .. ولهذا قال : وللمؤمنين .. أي لكل من حمل صفة الإيمان في كل عصر .

أما موسى عليه السلام فيطلب أن يرى جليسه في الجنة ، فيريه الله عز وجل ، فيتعجب موسى ، إن هو إلا رجل قصاب أي جزار ، فيراقبه موسى ، فلا يجده يفعل شيئاً غير ما يفعله التجار ، فيعرض عليه موسى عليه السلام أن يستضيفه ، فلا يجد شيئاً غريباً ، إلا أنه ينزل زنبيلاً ، فيخرج منه امرأة عجوز ، يغسلها ، ويبدل ملابسها ، ويطعمها بيده ، وتقول له كلاماً لا يسمع موسى .. ثم يرجعها إلى الزنبيل ثانية ..

فيسأله موسى ..

ـ تلك هي أمي .. وقد بلغت من الكبر عتياً ، ولا تستطيع شيئاً إلا الكلام ..

ـ فماذا قالت لك ؟

قال القصاب :

ـ إنها تدعو لي الدعوة نفسها كل يوم ، أن يجعلني الله جليس موسى عليه السلام في الجنة ..

وأقف عند قوله تعالى : أن أشكر لي ولوالديك .. انظر .. لم يقل اشكرني برغم أن الفعل متعد بذاته ، كما قال : واشكروا نعمة الله .. بل زاد لام التفرغ ، ليكون الشكر على النعمة كلما حدثت ، بينما يكون الشكر لله وللوالدين دائماً ، لا يرتبط بحدث .

أما قوله تعالى في سورة الأنعام : وبالوالدين إحساناً .. انظر إلى جماليات التعبير :

1ـ الباء للإلصاق .. ليكون الإحسان ملاصقاً لهما .

2ـ إيجاز بحذف الفعل .

3ـ توكيد بالمفعول المطلق .

4ـ حذف ألف الوالدين .. للدلالة على وجوب الإحسان للوالدين مهما كان من تفاوت .

5ـ استعمل الوالدين بدلاً من الأبوين .. لأن الأب يربي ويبني .. فلو استعمل الأب .. لكان من يتخلى عن ابنه وهو صغير لم يلق منه تربية . لكن استعمال الوالدين أي وجوب الإحسان لكل من استحق اسم والد ، أي شمول الإحسان لكل والد ، لأن الوالد يستحق اسمه من اللحظة الأولى .

إن هذه العبارة عطف على المحرمات التي بتلوها النبي صلي الله عليه وسلم على المسلمين ( قل تعالوا أتل ما حرم عليكم ) ، فكان يجب أن تكون المحرمات في صورة نهي ، وهذا ما حدث قبلها ( ألا تشركوا بالله شيئاً ) ، وبعدها ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ) ، ( ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) ، (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) . كلها نواهٍ عن قبائح : ( الشرك ، القتل ، الفواحش ) الوحيدة التي جاءت أمراً بشيء جميل (الإحسان ) هي الوصية الثانية الخاصة بالإحسان للوالدين .. وقد تسأل : فلماذا خالفت السياق ، لماذا لم يقل : وألا تسيئوا للوالدين .. ؟؟

ذلك لأن قوله : ألا تسيئوا للوالدين : هو النهي عن الإساءة فحسب ، ولا يعني بالضرورة الإحسان . ذلك لأن كل ضدين ثلاثة .. وفي هذا السياق الثلاثة هي : الإحسان ، الإساءة ، الحياد . فلو قال : ألا تسيئوا إلى الوالدين لكان اقتصار النهي على الإساءة إباحة للإحسان والحياد .. أما قوله وبالوالدين إحساناً .. فهو يقصر الأمر على الإحسان فحسب ، ومن ثم يبعد الحياد والإساءة .. أي أن كل ما ليس إحساناً هو إساءة . فهذه القولة حرمت الحياد مع الوالدين ، فلا يجوز أن تقول هو تركني وأهملني ، فأنا لن أرد إساءته بإساءة ، وسألتزم الحياد ، لا ، حتى لو أساء إليك ، لا سبيل لك إلا الإحسان إليه .

وأقف بعد ذلك على ثلاث تعبيرات قرآنية : فلم تأت ( ووصينا الإنسان ) إلا ثلاث مرات ، كلها بوالديه ، ولكن على تنويعات مختلفة ..

1ـ ووصينا الإنسان بوالديه .

2ـ ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً .

3ـ ووصينا الإنسان بوالديه حسناً ,

وقد تسأل لماذا تلك المغايرات .. لماذا اقتصر في الأولى فلم يقل إحساناً ، أو حسناً ، ولماذا ذكر في الثانية إحساناً ، وفي الثالثة حسناً ؟

إن قوله : ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً .. تقال في حالة خاصة : وهي الكافر ووالده مؤمنان .. فهو عرضة للثورة عليهما بشكل متقطع .. كلما ألحا عليه بالإيمان ، لذلك جاء بالمفعول المطلق المعبر عن التجدد والانقطاع .

أما المؤمن فمأمور بالإحسان الدائم لأبويه سواء كانا كافرين أو مؤمنين ، لذلك قيل له : ووصينا الإنسان بوالديه حسناً ، وحسنا : صفة مشبهة أي دائمة .

ولا تبقى إلا حالة واحدة هي حالة الكافر مع والدين كافرين ، فهذا التجانس بينهما . لا يحتاج التوصية بالإحسان ، لأنهما لن يطالباه بشيء يخالف عقيدته . فيحتاج إلى تجدد الإحسان بتجدد المواقف .

ولذلك .. كان من بين وصايا الله عز وجل لبني إسرائيل قوله ( وقولوا للناس حسناً) .. ولاحظ أنه قال للناس .. أي سواء على ملتهم أم لا ، واختار ( حسناً) ليلازم الحسن قولهم للناس بشكل دائم .

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الخميس 03:42 مـ
17 شوال 1445 هـ 25 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:44
الشروق 05:18
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:28
العشاء 19:51