×
18 شوال 1445
26 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

أنا وفولتير: ما بين مدحه للإنجليز وثنائي على إسرائيل!

المصريين بالخارج

بهجت العبيدي

ليس كل من ينتقد وضعًا أو شخصًا أو عملا يوضع في دائرة الخونة والعملاء، بل ليس من ينتقد الشعب نفسه الذي دائمًا ما ينافقه الكتاب والساسة والإعلاميون يدرج في مربع هؤلاء الذين يشككون في قدرات البلاد في الاعتماد على أبنائها للصحوة والنهوض.

فليس هناك على وجه البسيطة من يملك الحقيقة المطلقة، ولا من يصف "الروشتة" الوحيدة الناجعة، فأي مجتمع تعتمل فيه عوامل، وتتفاعل فيه عناصر، وتتجاذب فيه أفكار، وكل صاحب رؤية يراها من زاويته، وكل صاحب فكر ينظر لها من منظوره الذي تحكمه ثقافاته التي تكون فناعاته، وكل ذي تصور يحدده تكوينه الثقافي والاجتماعي والسياسي، ومن هنا يأتي ذلك التباين في الرؤى، وذلك الاختلاف في الرأي، وتلكم الآراء التي تبدو أحيانا متنافرة، ولكن جميعها -حسب قناعات أصحابها- تدور في فلك الصالح العام.

فالحق ليس -كما يحلو للبعض أن يصوره- واحدًا، ولكنه مختلف باختلاف القناعات والثقافات والرؤى، حتى الله سبحانه وتعالى ليس تصوره واحدًا عند الجميع، فتصوره يختلف أيضًا باختلاف تلك الثقافات والقناعات والعقائد.

لم تنهض أمة من الأمم أو دولة من الدول إلا حينما تعرفت على تصورات أبنائها لتلك النهضة، وتوقفت عند الأفكار التي تصدر عن أبنائها تتدارسها وتضعها حيز التنفيذ مرة والنقد بالإيجاب أو الرفض مرة أخرى، ومجتمعنا المصري وأمتنا العربية ليست بدعًا فيما تمر به من مرحلة ضعف وتأخر بين الأمم، ولعل ما كتبه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في كتابه القَيِّم "مستقبل الثقافة في مصر" حينما أكد أن الأيام تدول مرة لأبناء أحد شاطئي بحر الروم "المتوسط" وأخرى لأبناء الشاطئ الآخر، ما يعكس ما أصبو إلى إيضاحه، فبالعودة في التاريخ الذي ليس موغلا نجد تلك الصورة الماثلة أمام أعيننا في مصر والعالم العربي هي ذاتها التي كانت تراها العين في إنجلترا وفرنسا وبقية القارة الأوروبية، من صراع وتناحر بين قوى وطبقات المجتمع، ليس المجتمع الواحد فحسب بل ببن الدول والأمم الأوروبية، فكان العداء مستحكما، وكان الصراع على أشده، وكان التخوين أيضا ملازما، وهنا كان دور الطبقة المثقفة الواعية التي أخذت على عاتقها نفض ما في العيون من سبات عميق.

والمقصود بالمثقف هنا ذلك الذي يمتلك رؤية عن بصيرة ووعي يرى في تنفيذها صلاحا وحلا لمشاكل مجتمعه، ولا يخضع لِهَوًى، ولا يبتغي غير صالح أمته، وهنا مهما أتى من فكرة - ربما تبدو - متمردة أو صادمة فإن مجتمعه لا يجب أن يعاقبه عليها، طالما لم يحاول فرضها فرضا، ولم يدع إليها بعنف أو إجبار، بل يجب أن يحمد لذلك المثقف اجتهاده الذي يمكن أن يؤخذ بعضه أو جله أو كله أو يترك جميعا، دون أن يوسم بالخيانة ولا العمالة، ذلك إن أردنا بيئة صحية تؤهل حقا للنهوض.

ولنضرب لذلك مثلا من التاريخ الأوروبي:

كان العداء مستحكمًا في عصر الفيلسوف فولتير بين أمته الفرنسية والأمة الإنجليزية، وكان الفيلسوف الفرنسي - كما يبدو من كتاباته - مولعًا بنشاط وذكاء وحماس الإنجليز، وكان يصف ذلك كله ممتدحًا الشعب الإنجليزي، وفي المقابل كان يهيل التراب على أبناء جلدته من الفرنسيين، حيث يراهم عكس ما يرى أعداءهم اللدودين، ولقد توقف المفكرون عند ما قام به فولتير، حيث رأووا فيه عشقا لا محدودا لفرنسا، حيث أنه بمدحه لأعدائها من الإنجليز أراد إثارة حمية الروح الوطنية لدى أبناء بلده، بالثناء على شعب أعدائهم وتقديمهم في صورة أفضل حتى مما هم عليها، لقد أراد بكيل المديح لأعداء وطنه أن يبث الغيرة المحمودة في نفوس الفرنسيين للنهوض بوطنهم.

ولأن العداء كان على أشده بين الفرنسيين والإنجليز فكاد بعض من الأخير أن يفتك بالفيلسوف الفرنسي فولتير المادح لهم لكونه فقط فرنسيا، حينما تواجد في لندن وعرف أحد الإنجليز فرنسيته، فأعلن ذلك على الإنجليز الذين كادوا يفتكون به، فإذا به يقول لهم: ألا يكفيني عقابا أني لست إنجليزيا، عندها عفا عنه الثائرون.

وسؤالي هنا: ماذا لو مدحتُ أعداءنا اللدودين؟ وماذا لو أثنيت على هذا الإنفاق الذي تنفقه دولة الاحتلال الإسرائيلي في الإنفاق على البحث العلمي لتتبوأ المرتبة الأولى في العالم حيث أنها تنفق ما مقداره 4.7% من انتاجها القومي على البحث العلمي، وهذا يمثل أعلى نسبة إنفاق في العالم، في ذات الوقت الذي أنتقد فيه بكل قوة وحسم دولنا العربية التي لا تعير البحث العلمي أي اهتمام
حيث تنفق الدول العربية ما مقداره 0.2% من دخلها القومي والدول العربية في آسيا تنفق فقط 0.1% من دخلها القومي على البحث العلمي، هل في ثنائنا على ما تقوم به إسرائيل خيانة لوطننا وأمتنا؟ وهل في انتقادنا اللاذع لوطننا وأمتنا انتقاص لانتمائنا لهذا الوطن الحبيب وهذه الأمة العزيزة، إن انتقادنا نابع من حب عميق لوطننا، وثناءنا على اهتمام العدو بالبحث العلمي ليس أكثر، كما فعل فولتير، من محاولة لإثارة الحمية والغيرة في النفوس أبناء هذا الوطن للحاق بركب الحضارة والالتحاق بعالم اليوم ونظم دولنا في عقد دول العالم المتقدم التي لا يمكن الالتحاق به إلا بالعلم والعمل.

فولتير مدحه للإنجليز ثنائي على إسرائيل

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الجمعة 03:54 صـ
18 شوال 1445 هـ 26 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:43
الشروق 05:17
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:29
العشاء 19:52