التحول الرقمي والقضاء على البيروقراطية

بقلم : د. محمد حجازي 

انتهجت القيادة السياسية المصرية عقب ثورة ٣٠ يونيو أسلوبًا جديدًا لإدارة الدولة المصرية يستند الى ركيزتين أساسيتين هما ( اللامركزية الإدارية والتنمية المستدامة ) فى سياق الإصلاح الإقتصادي والإداري على السواء.

قطعت الدولة المصرية شوطًا كبيرًا فى هذا السياق ، وتسارعت وتيرته مع تبني الدولة المصرية لمبادرة الشمول المالي. 

يُعد التحول الرقمي أحد ركائز الإصلاح الإداري فى الدولة المصرية فضلًا عن كونه مشروع قومي كبير فى المحليات، كما أن الرقمنة ضرورة حتمية لدفع مسيرة التنمية الاقتصادية المنشودة .

إن منظومة الحكومة الرقمية ودورها الهام في مكافحة الفساد الإداري ، والقضاء على البيروقراطية تأتي في مقدمة قضايا محور الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد الذي تتبناه الدولة حالياً لتحديث الجهاز الاداري، وتقديم خدمات متطورة للمواطنين (سهولة وسرعة وبساطة وأداء متميز ) .

تعريف الخدمة الرقمية الحكومية :

هي سلسلة من العمليات والإجراءات والأنشطة التى تمارسها جهة حكومية من أجل تقديم خدمات حكومية عبر معاملات إلكترونية موحدة بما يعود بالنفع على المواطنين والمستثمرين والسياح .

إن الخدمات الرقمية الحديثة التي يتم تطبيقها في مصر حاليًا استدعت قيام كافة الأجهزة التنفيذية ببذل كافة الجهود لتحديث وتطوير البنية الأساسية في كافة المرافق و لجهات الحكومية بالمحافظات ، وربطها بشبكة إتصالات إليكترونية واحدة لتقديم خدمات عصرية ورقمية توفر الوقت والجهد و المال على المواطنين و تساهم بشكل كبير و فعال في محاربة الفساد الإداري . 

انفقت الدولة المصرية نحو ٨ مليار جنيه لتحديث البنية المعلوماتية اللازمة لإنجاز عملية التحول الرقمي والربط الإلكتروني.

تعريف المجتمع الرقمي : 

يمكن تعريف المجتمع الرقمي بأنه المجتمع الحديث المتطور الذي يتشكل نتيجة لاعتماد ودمج تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في المنزل والعمل والتعليم والترفية...وهو مجتمع ينمو ويزدهر اقتصاديًا إذا توفر الأمن وحماية الحقوق.

وسائل أو آليات التحول الرقمي : 

إن حرص الحكومة على التحول لمجتمع رقمي يحتاج لآليات متمثلة في الشمول المالي، والحكومة الإلكترونية، والحوكمة ، والاقتصاد غير النقدي، وتوافر بيانات ومعلومات صحيحة ودقيقة عن المواطنين سواء عن الاستهلاك والدخل والتعداد السكاني والطلب والعرض على السلع والخدمات في السوق وغيرها من المؤشرات . 

أهمية التحول الرقمي :

غنى عن البيان إدخال التكنولوجيا الحديثة والمميكنة إلى الجهات الحكومية ستؤدي الى التحول للمجتمع الرقمي وتقليل معدلات الفساد والبيروقراطية الحكومية والعمل على خلق إقتصاد قوي و تنافسي وخلق مناخ جاذب للاستثمار.

إن التحول للمجتمع الرقمي مسئولية الجميع سواء الدولة أو المواطنين للحصول على مستوى معيشة أفضل في مجتمع آمن في ظل التغيرات العالمية التي توجب علينا عملية التحول لاقتصاد رقمي لمواجهة التحديات على الساحة الإقليمية والدولية . 

جهود الحكومة المصرية : 

إن الحكومة المصرية قامت خلال الفترة الماضية بميكنة العديد من الخدمات ، وتطوير مراكز خدمات المواطنين بكافة المحافظات حيث تم ميكنة كافة خدمات محافظة بورسعيد باعتبار محافظة بورسعيد أول محافظة رقمية فى مصر ، ثم محافظات القناة والإنتهاء من حوالي 200 مركز خدمة منتشرة على مستوى الجمهورية تقدم الخدمات المميكنة للمواطنين في المحافظات. 

كما تم إنشاء نحو 4000 مكتبًا بريديًا يخدم نحو 7 مليون مواطن، وجاري العمل علي استكمال تطوير كافة نظم ميكنة الخدمات الحكومية وذلك ضمن خطة الإصلاح الإداري ، وتعمل حالياً على ميكنة 4571 مكتب صحة على مستوى الجمهورية،وميكنة منظومة تسجيل المواليد والوفيات.

كما تم الانتهاء من ميكنة 60% من وحدات المحليات بحوالي 320 وحدة ، ويتم العمل لتطوير بوابة الحكومة المصرية وما تشمله من خدمات بشكل إلكتروني مثل خدمات المرور والتوثيق والشهر العقاري و التنسيق الإلكتروني للطلاب واستخراج شهادات الميلاد والوفاة وبدل فاقد أو تالف للرقم القومي وغيرها.

متطلبات التحول الرقمي :

هناك مجموعة من الإجراءات لتعظيم الاستفادة من منظومة الحكومة الرقمية أهمها :

١- ضرورة محاربة ما يسمى بـ"الجهل الإلكتروني" وهو عدم معرفة بعض العاملين بالتعامل مع أجهزة الحاسب الآلي، الأمر الذي يستدعي تنظيم دورات تدريبية حتى يتسنى لهم التعامل مع الأجهزة.

٢- ضرورة العمل على رفع ثقافة المواطن التكنولوجية واستحداث منبر لنشر ثقافة الأمن المعلوماتي والتعامل السليم مع التكنولوجيا .

٣- استغلال الطاقات والكفاءات الشبابية في المجال التكنولوجي بشكل أكبر وأعم مع العمل على الإنتهاء من تطوير البنية التحتية للمرافق الأساسية في كافة المحافظات.

٤- وجود ثقاقة تكنولوجية تسود المجتمع ككل.

إن التحول الرقمي وأمن المعلومات ركائز ضرورية لتحقيق الشمول المالي ، ونحن نترقب مصر جديدة ٢٠٢٠ م ( دولة رقمية ) نتطلع نحو دولة تمتلك قطاعات رائدة كالسياحة والاستثمار بما يضمن الوصول إلى إقتصاد تنافسي متنوع.

إن المرحلة الراهنة التي تمر بها مصر تقتضي تضافر كافة الجهود حتى تستعيد مصر مكانتها على كوكب الأرض وبما يليق بتميز شعبها وقيادتها.