ملكة الصحراء وسيدة المعادن.. جرترود نسيم حكاية أول جيولوجية مصرية ومكتشفة معدن النيكل

قادت الصدفة البحتة الآنسة المصرية جرترود نسيم (1915- 1963م) لاكتشاف معدن النيكل، وهو واحد من أهم المعادن التي تنتجها مصر؛ وذلك أثناء عملها في مناجم النحاس.

كانت الرائدة جرترود نسيم، هي أول فتاة مصرية تلتحق بكلية العلوم بجامعة فؤاد الأول، وتخرجت منها عام 1939م، وتخصصت في الجيولوجيا سيرًا على درب والدها لبيب نسيم، وهو أحد أشهر الجيولوجيين في ذلك العصر.

واصلت دراستها، فحصلت على درجة الماجستير من كلية العلوم، قبل أن تحصل على درجة الدكتوراه من جامعة لندن.

وقد قامت مجلة "المصور" بعمل ربيورتاچ صحفي الآنسة المصرية جرترود نسيم واكتشافها لمعدن النيكل عام ١٩٤٥م، وجاء الروبرتاج، كالتالي:"إذا قُدر لك يوما أن تزور مناطق الحديد الحام في الصحراء الشرقية بالقرب من أسوان، فستتولاك الدهشة لاريب إذا تري في قلب الصحراء آنسة مصرية تتدفق شبابا وحيوية، تسير فوق الصخور وتتسلق المرتفعات وقد حملت في يدها معولا تضرب به الصخر بحثا عن أوكسيد الحديد.. هذه الفتاة هي "جرترود نسيم" كريمة الاستاذ لبيب نسيم مكتشف الحديد الخام في أسوان، وهي أول فتاة مصرية تخصصت في الكيمياء والجيولوجيا، واشتغلت مع والدها بعد تخرجها سنة ١٩٣٩م من كلية العلوم في البحث والكشف عن المعادن وأعمال المناجم في الصحاري المصرية".

ثم يمضي الروبرتاج حديثة عن تلك الرائدة المصرية في مجال الجيولوجيا، قائلاَ:"الآنسة جرترود هي أول من أكتشف معدن النيكل في مصر عام ١٩٤٠م أثناء اشتغالها بتحضير الرسالة العلمية التي نالت بها درجة الماجستير، فقد قامت بدراسة منجم قديم للنحاس سبق أن استغله قدماء المصريين، كما استغلته شركة إنجليزية عام ١٩٠٤م، وكان معروفًا لدي جميع العاملين بالمناجم والتعدين انه منجم نحاس فقط، لذا كانت دهشتها عندما قامت بتحليل جزء من خاماته لتكتشف وجود النيكل فيه بنسبة لا بأس بها، وعندئذ امتد بحثها الي مناطق اخري فكشفت عن وجود كميات هائلة من هذا المعدن".

ووصف التقرير الصحفي ما تقوم به الآنسة جرترود نسيم من جهد خلال عمليات التنقيب:"تمضي الآنسة جرترود نسيم معظم أيام الشتاء في التنقل في الصحاري المصرية؛ للبحث عن المعادن المختلفة، وفي كل رحلة تعود محملة بالعينات الكثيرة التي تقوم بتحليلها في معملها الخاص، أما في الصيف فانها تقضي أيامه في المعمل وفي الإشراف علي إدارة مصانع والدها، وقد تخرج في كلية العلوم عدد من الفتيات المتخصصات في الكيمياء، يعمل بعضهن الآن معيدات في الكلية او مدرسات في المدارس، أو في معامل مصلحة الكيمياء، كما تخرج في كلية الطب عدد من الفتيات المتخصصات في الصيدلة، ولكن الآنسة جرترود نسيم جمعت بين التخصص في الكيمياء والجيولوجيا".

ومما اكتشفته الآنسة جرترود نسيم أحد الأنواع الفريدة للجرانيت المصري رمادي اللون والذي لا يشوبه أي احمرار، وقد سُمي هذا النوع باسمها ليظل معروفًا إلى الآن باسم "جرانيت جيرتي".

لقد استحقت الآنسة جرترود نسيم التكريم الذي منحه إياها الملك فاروق الأول؛ حيث استقبلها بقصر رأس التين، بعد أن أهدته أول سبيكة لمعدن النيكل.

توفيت الرائدة الجيولوجية جرترود نسيم في 21 فبراير عام 1963م؛ نتيجة إصابتها بالسرطان الذي أصابها نتيجة تعرضها لإشعاع تسرب إليها في آخر المناجم التي كانت تقوم باكتشافه.