م.اشرف الكرم يكتب..”والقاريء حين يظلم”
جموعٌ من الناس تكلمَت، وهاجمَت وتابعَت، وأعادت نشر الخبر الذي نشرته إحدى المذيعات على صفحتها بأنه تم القبض على أخيها بغرض التضييق عليها، وبأن ظلمًا قد وقع عليه بسببها، وأصبح الخبر الذي تناقله القراء بشكلٍ كبيرٍ كما لو كان واقعًا فعليًا، وأصبحنا جميعًا نتابع ملابساته عن كثب.
ثم بعد وقتٍ قصير يتبين أن الذي نشرته المذيعة ليس دقيقًا وليس صحيحًا.
فقد تابعت محامي المتهم بإحدى القنوات، يوضح سبب القبض على أخيها، وقال أن القبض عليه كان سببه طرحه خبرًا بالجريدة عن وجود دواجن فاسدة بالأسواق المصرية، وأنها كانت إجراءاتٌ طبيعية نتيجة بلاغٍ عن خبرٍ منسوب كذبًا لمسئول شعبة الدواجن وهو لم يصرح به.
بالطبع فإن خبرًا مكذوبًا على لسان مسئولٍ، لابد وأن يسبب الإضرار بسمعة الإنتاج المصري من الدواجن، والإضرار بالمنتج المصري كذبًا -أيًا كان هذا المنتج- يجب أن يكون خطًا أحمرًا،
بمعنى أنه يجب تحري أقصى الدقة في نقل أي خبر عن أي منتج، حتى لا نضر بالوطن اقتصاديًا، وحتى لا يختل الميزان التجاري في التصدير والاستيراد متأثرًا بتلك "الرعونة" الإخبارية.
إذ ليس من "الجدعنة" ولا من البطولة، أن يكتب الصحفي عنوانًا ساخنًا دونما أي تدقيق وتحقق، تحت عنوان "التسخين الصحفي" ليجذب مشاهداتٍ ويصبح "ترندًا" على حساب اقتصاد الوطن، ثم تأتي المذيعة لتسقط في مستنقع الاتهام غير الصحيح لوزارة الداخلية بغير تحقق أو استيضاح.
والذي يجب أن ننتبه إليه أيضًا، هو أن علينا نحن القراء مسئوليةً كبيرةً أمام الله وأمام الوطن، ومن قبله أمام أنفسنا، في وجوب أن نتريث ولا ننفعل، ولا ننشر الأخبار أيًا كانت دونما أن نتحقق من صحتها، فهناك مئات الأخبار الكاذبة المنشورة عبر التواصل الاجتماعي في كل لحظة، ونحن فيها غرقى نموج ليل نهار، وعلينا الحذر من ابتلاعها دونما إجراء "فلترة" بأكثر من طريقةٍ حتى نتأكد ونتحقق من أن الخبر صحيح، وحينها فقط يمكن أن نُقدِم على نشره وتمريره للغير.
إن النشر أمانة، بل إنه أعظم أمانة، لأنك أيها القاريء تكون حلقةً في سلسلة دعم الخبر وانتشاره، فإذا ما كان كذبًا أو به عن الحقائق تحريفًا، فأنت هنا تكون ظالمًا لغيرك ممن تعدى عليهم الخبر المنشور زورًا، بل وتكون ظالمًا أيضا لجموع القراء الذين سيقرأون لك -ممن هم مثلك لا يدققون صحة الأخبار- وسيبتلعون الخبر غير الصحيح
وسينشرونه أيضًا، وحينها تكون مسئولًا تمامًا عن أصل الخبر بقيامك بنشره، وتكون قد وقعت في ظلم غيرك وليس كما تعتقد بأنك فقط لهذا الخبر ناقل.


















