جواب عزيزة إلي ولدها الشهيد
ا. د. محمد المليجي
بسم الله الرحمن الرحيم
إزيك يا عبد الحميد .. إزيك يا ضنايا.. أمك يا عبد الحميد ماتت من زمان من يوم ما غبت عنها.. ومن يوم ما عديت القناة ودخلت سينا ومجانيش خبر عنك.
النهارده بس رجعت لأمك الحياة بعد ما لقوا جثتك مدفونة فى الرمل وشفت صورتك وأنت بلبسك وبندقيتك وجزمتك وخطوتك الواسعة مغروزة فى الرمل.
الجواب اللى وجدوه فى جيبك وملحقتش تبعته لأمك من 44 سنة وصل يا عبده وأخوك قراه ليا كلمة كلمة وحيجيلك ردي عليه حالا وأحب اقولك أني احتسبتك شهيد عند الله فى الجنة بس كان كل أملى فى الدنيا أن اعرف أنت فين وإيه جرا لك وعمر صورتك ما راحت من بالي وعنيا راحت مبقاش منها الا القليل من البكاء عليك.
ابنك خالد اللى سبته وعمره شهرين بقي دلوقت ما شاء الله راجل كبير ومهندس فى شركة بترول وأتجوز وخلف عبد الحميد زيك وكل ما أشوف حفيدك بشوفك.
فاطمة مراتك يا عبده حزنت عليك وقلبها ماستحملش غيابك وماتت بعد ما فقدت الأمل فى رجوعك من مرض ما عرفناش سببه وأنا اللى ربيت ابنك خالد زي ما ربيتك بالضبط.
سألت فى جوابك على عمامك وخوالك وبعت لهم سلامات كتير بس معظمهم مات يا عبد الحميد وعيالهم ميعرفوش عنك حاجة والقرايب بتوع زمان اتغيروا يا ابني والناس بقت كل واحد فى حالة وكل واحد بيقول يالا نفسي وأصبحت الدنيا زي يوم القيامة كده.
تعرف اللى مزعلني إيه يا عبد الحميد وخايفة يزعلك برضه ؟ اللى مزعلني وحارق قلبي إن مصر طلع فيها أجيال مختلفة خالص عن جيلك يا عبده ولا يعرفوا قيمة واحد زيك ضحي بروحه علشان وطنه ولقوا جثته مدفونة فى الرمل بعد 44 سنة ويمكن لولا الجواب اللى لقوه فى جيبك مكنش حد حاول حتى يعرف إنت مين وجاي منين ومكنتش ناري على غيابك بردت قبل ماموت.
متعرفش يا عبد الحميد شعور أمك إيه لما شافت بدلتك الفاضية الا من عظامك أنا شفتك غير كل الناس.. شفتك حي يا عبد الحميد بتبتسم وتتكلم معايا وتحدتني عن الجبهة واليهود وقائد الكتيبة والأمل فى النصر وشفت فرحتك وأنت بتودع ابنك الرضيع خالد وفاطمة مراتك وإنت فرحان لأنك رايح تخلص بلدك من العار .. حتى جزمتك المدفونة فى الرمل شفتها بتلمع زي القزاز افتكرت وإنت بتمسحها وتلمعها كأنك رايح تقابل المحافظ رغم أنك رايح للموت علشان بلدك ..واحنا قلبنا مقبوض عليك وانت بتطمنا إنك راجع .. بس ما رجعتش يا عبده وخِليت بينا..معلش..معلش ..هوا ده قدر ربنا وهي دي إرادته خدك منا بدري قوي بس باقول برضه الحمد الله اني عشت العمر ده كله علشان أربي ابنك وعلشان تطل عليا واشوف حاجة منك وأرد على جوابك بعد ٤٤ سنة من غيابك.
والقاك فى الجنة ان شاء الله يا عبد الحميد
أمك عزيزة


















