دكتور خاطر الشافعي يكتب:نصيحة من أميرة زمانها
بقلم : د خاطر الشافعي
على ضوء الشموع، تأبطَتْ ذكرياتها الجميلة، بعد أن نفضت عن عاتقها هَمَّ النهار، وأخذت تُحَمْلِق في المرآة باحثةً عن صورتها، وبالكاد تمخضت الصورة عن "بقايا إنسان" لإفزاعها، كَمِ السنون التي انقضت كما البرق؟ وأدركت أن ربيع العمر قد ولَّي، وأن أحلامها تؤذِن بالرحيل، فانهمرت سيول الأسئلة الضاغطة على جدار العمر: أهذه أنا؟!
أم أنَّ مرآتي كاذبة؟!
تذكَّرَت كيف كانت كل العيون تلاحقها؟ وهي أميرة زمانها، ولم يَدُرْ بِخَلَدِها أبدًا أنَّ لكل زمان أميرته، فانقضت السنون، ودارت رَحَى الأيام تسحق بلا هوادة ملامح الأميرة، وحُلْم الفارس المغوار وحصانه الأبيض يملأ منها القلب والخاطر، وما دَرَتْ أنه بمرور الأيام تذبُل الزهور، وتتقلص الفرصة، بعدما اعتَلَت عَتَبَاتِ الإمارة أخرياتٌ، فعجَلَة الزمان لا تكُفُّ عن الدوران!
وكما يسيل الشمع الدافئ، سالت على خدّها دمعة حزينة، ورأت أن تكتب لبنات جنسها نصيحَتَها قبل أن تذوب الشمعة، ويرحل ما بقي من ضوءٍ مع ما بقي من حلم.
أمسَكَت بآخِرِ أوراق خريفها، وبدأت الكتابة:
أختي الغالية:
مع أني لم أرَك، ولم أعرفْك، إلا أنني أهمس في أذنك بنصيحة: لا يُغَرَّك شبابك، وامنحي نفسك فرصة الاستقرار على اختيار، ليس بالضرورة أن يكون مثاليًّا، بل على الأقل لا يتنافى مع عُرفٍ أو شرع، فالكمال لله وحده، والأصل في الزواج شراكة بها تكتمل الحياة، وما لا يُدرَك كله لا يُترَك كله.
التوقيع :
من كانت يومًا أميرة زمانها أمسَكَت الورقة برفق، وبلَّلَتْها بدمعة حزينة، وتَمَنَّت - وهي تلقيها من نافذة الحجرة - أن تتلقفها يد إحدى أميرات الزمان!


















