أميرة البيطار تكتب .. يوم المرأة المصرية

يوم المرأة المصرية بدأ قبل ١٤٠٠ سنة ق.م ، حيث لم يكن لمواقع تواصل الإجتماعي ولا هاشتاگات، ولا كان للواقع الافتراضي وجود، حيث اعتاد المصري القديم على تقديس المرأة، فحكمت الدولة، وأقامت الحضارة، والتاريخ المصري زاخر بالنماذج، كليوباترا، حتشبسوت، ايزيس، نفرتيتي، كذلك الإسلام أعاد للمرأة احترامها، فحرم تجارة الجواري، وشرع للمرأة حقها، تحدث القرآن، سورة كاملة (النساء)، هناك رجلٌ أرثي معاني الإنسانية، بعث بالنور لهدي العباد، وَقف في حجة الوداع (ص)، وقال : (استوصوا بالنساء خيرًا) ، ‏هن الماضي والحاضر والمستقبل ، هن تحت أقدامهم مفاتيح أبواب الجنة، هن الدعاء المقبول عند رب العالمين، تحية إلى نون النسوة، إلى التاء المربوطة على قلب بني آدم، إلى تاء التأنيث المكررة في كل كلمة في لغتنا العربية، إلى جمع المؤنث السالم من أي تكسير للفطرة، إلى كل امرأة ، أم، زوجة، أخت، سند لمن حولها، اللواتي قيل فيهم :- " رفقًا بِهنَّ فإنَّهنَّ كرامُ أوصيتَ واوَ المسْلِمِينَ بِنُونِهمْ فَخَتَمْتَ بدءًا عزَّهُ الإسلامُ فسلامُ ربي والخلائِقِ كلّها مَعَ كلِّ خفْقٍ للوجودِ سلام". نون "النسوة"، حرف من حروف لغتنا العربية العتيقة، ولكنه كناية عن نصف المجتمع بل عن أصل وجود المجتمع، عندما يكتب قلمي في ذكرى عيد المرأة المصرية، الذي يواكب 16 مارس من كل عام، تتحرك مشاعري لأسمى معاني الحب والحنان، فهي تمثل كل مصادر السعادة على سطح كوكبنا العامر، إلى الشمس التي تضيء الحياة، وتنشر النور لتعلن عن صباح يوم جديد، يبعث الأمل في الحياة، السعادة والثقة بالنفس لمن حولها ولمن أحبها حتى يصبح نواة إصلاح لبناء مجتمع صالح، ذكرت "نون النسوة" في القرآن في عدة مواضع مختلفة، مرة بنساء ومرة بنسوة ليأخذنا من القلة إلى الكثرة ومن المفرد إلى الجمع فكان عونا لنا،فكانت النون هي التغيير الإيجابي الذي تسعى إليه المجتمعات الراقية، لاتلتزم المرأة فقط كونها راعية في بيت زوجها وسند في بيت أبيها، وعلى عاتقها كام مسؤلية لتربية الأجيال صالح يمكن الاعتماد عليه ،وماتتحمله كزوجة من إدارة للأسرة، ورعاية أمور المنزل، ولكن تطور الأمر لتصبح ذات دورًا رائدًا ، واجتماعيًا على مختلف الأصعدة، فهي نصف المجتمع من حيث التكوين وكل المجتمع من حيث التأثير فهي من تلد، وتربي وتنشئ النصف الآخر، منحها الإسلام مكانة خاصة، فقد كرمها الله عز وجل،وأوصى به رسول الله (ص)، فكان يخصص من وقته جزءا لتعليم الصحابيات فإحداهن من قال فيها الرسول الكريم: (إني رزقت حبها) تكريما لمنزل الزوجة ، وقال في الأخرى: (إن العقدة على حالها)، وقالت الفلسفة:(وراء كل رجل عظيم امرأة) ، ولكني أضيف عليها وراء كل امرأة قوية رجل أثنى عليها ومنحها قلبه واسمه رجل لين القلب يسير العشرة لديه مايكفيها من المودة والرحمة فهما شريكان في هذه الحياة، التي طالما لن ولم تكون حياة بدونهما سويا.

احتفال المرأة المصرية بعيدها ، في ضوء مساهمتها عبر التاريخ في إقامة أعظم حضارة عرفها التاريخ ، نحن احفادهم ممن سطرن تاريخ المرأة المصرية الحديث نستطيع القول اليوم بكل ثقة أننا نسير في الطريق الصحيح نحو استكمال ما بدأوه والوصول إلى ما سعين إلى تحقيقه وإن ثمار نضالهن نجنيها الآن، نعيش عصراً ذهبياً فاليوم نكتب تاريخاً جديداً للمرأة المصرية يهب الأجيال القادمة من الفتيات الأمل ويمنحهم الفرصة ،ويرسم طريقاً جديداً نحو المستقبل نحو استكمال رحلة البناء والعطاء بلا حدود.

وقد وضعت الجمهورية الجديدة مسألة تمكين المرأة في الحياة السياسية، كأولوية ومبدأ نمارس سياستنا وفقه، ونستلهم منه أسس بناء الدولة العصرية الحديثة،حيث أصبحت المرأة تمثل اكثر من ٢٧٪ من البرلمان، واعتلت المرأة منصة القضاء مسابقة هي الأولى في تاريخ مصر الحديث، فهئيتنا البرلمانية ومناصبنا القيادية على منصة القضاء الشامخ، كما انها تحظى بنسبة مقدرة في هيكل الوزراء ، تعبر بشكل عملي عن إيماننا بأن المساواة الكاملة ليست مجرد شعار بل ممارسة ومبدأ.

إننا ونحن نسترجع هذه الذكرى التي تحتفل بها مصر، فإننا نتمسك بالعهد أن نظل دائما خلف تمكين المرأة المصرية، ودعمها ومساندتها لنيل حقوقها وتبوأها مكانتها التي تستحق، ولا يسعنا أن نغفل توجيه التحية للقاضيات المصريات اللاتي اعتلين منصات القضاء للمرة الأولى في تاريخ مصر، منذ أيام، ولعلها هدية الدولة للمرأة المصرية في مارس شهر المرأة العالمي.

كل التحية للمرأة المصرية.