الدكتور سعيد شحاتة يكتب / أهمية تزكية النفس للإنسان
والتزكية مهمة للإنسان من عدة أوجه :
1 – أن الله عز وجل – وهو الحق وقوله الصدق – أقسم في كتابه أحد عشر قسماً على فلاح من زكى نفسه وعلى خسران من أهمل ذلك، فقال تعالى: "وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا (1) وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا (2) وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا (3) وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا (4) وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا (5) وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا طَحَىٰهَا (6) وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا (7) فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا (8) قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (9) وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا (10)..".
2 – أن النفس من أشد أعداء الإنسان لأنها تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنياعن طريق شهواتها واهوائها، وسائر أمراض القلب إنما تنشأ من رعوناتها وميلها لوساوس الشيطان، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من شرها كثيراً، (8) كان النبي ص يستعيذ دائما من هواجس النفس وشرورها ففي حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ "فألهمها فجورها وتقواها" فقال: "اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها" وفي المسند والترمذي أنه صلى الله عليه وسلم علم حصين بن عبيد أن يقول "اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي".
قال ابن القيم رحمه الله: وقد اتفق السالكون على اختلاف طرقهم وتباين سلوكهم على أن النفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب، وأنه لا يدخل عليه سبحانه ولا يوصل إليه إلا بعد إماتت اهوائها والظفربنقائها(9).
السالكين الي الله هم في سفرهم الي الله طالبين إلى الظفر بطهارة أنفسهم ونقائها(10).
3 – أن التزكية والخوف من جلال الله وخشيته وطلب رضاه هو الطريق الموصل الي الجنة، قال الله تعالى: "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى" فهذه هي الشروط لدخول الجنة ولايتحقق الا بتزكية النفس وتطهيرها.
4 – أن الإنسان محب للكمال فينبغي لـه أن يعمل على السعي في تخلية النفس من نقائصها وتربيتها علي التحلي بجميل الاخلاقيات الحسنة، فهذه النفس تصاب بالأعراض التي تصاب بها الأبدان، فهي محتاجة إلى تدريب وتهذيب واصلاح ومحتاجة إلى رعاية بشكل دائم ، وتحتاج إلى الازدياد من الخيرات كما يحتاج الجسد الي الغذاء والطاقات ، فليجب علي الإنسان أن يراقب نفسه، ويعلم أنها هي الاساس لدخول الجنة ، وأهم مايزكيها هو زيادة الإيمان وكثرة الذكر، فإذا سلب منه الايمان فلا فائدة في حياته وليس له في الاخرة نصيب الا الخسران، فلا بد من العمل على ازدياد الإيمان وزيادته عن طريق تزكية هذه النفس وتهذيبها قال أبو عَمرٍو الدراني: (الإيمانُ يزيدُ بالطَّاعةِ، ويَنقُصُ بالمعصيةِ، ويَقْوى بالعِلمِ، ويَضعُفُ بالجَهلِ، ويَخرُجُ بالكُفرِ) .
(11) يقول سيد قطب رحمه الله : إن هذا الكائن مخلوق مزدوج الطبيعة، مزدوج الاستعداد مزدوج الاتجاه، بمعنى أنه في طبيعة تكوينه : من طين الأرض، ومن نفخة الله فيه من روحه، وهو لذلك مزود باستعدادات متساوية للخير والشر، والهدى والضلال، فهو قادر على التمييز بين ما هو خير وما هو شر، كما أنه قادر على توجيه نفسه إلى أيهما أراد، وهذه قدرة كامنة في كيانه يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة ويعبر عنها بالهداية تارة "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها...""وهديناه النجدين" وإلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة قوة واعية مدركة موجهة في ذات الإنسان هي التي تناط بها التبعة، فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعدادات الخير فيها وتغليبها على استعدادات الشر فقد أفلح، ومن أظلم هذه القوة وخبأها وأضعفها فقد خاب "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"(12). دسعيدشحاتة.


















