م.اشرف الكرم يكتب ..الشعب المصري وهدير الغضب


خاضت مصرنا الحبيبة معركة، تُعد أكبر معركة انتصار لإمتنا العربية والإسلامية في العصر الحديث، في العاشر من شهر رمضان المبارك من عام 1393 هجريًا والذي وافق عام 1973 ميلاديًا،
وهي المعركة التي انتصرت فيها مصر على دولة الكيان الغاصب، والذي كان قد احتل بقعة عزيزة من أرض مصر، والذي اعتبره المصريون كما لو كان قد اقتطع جزءًا من قلب كل مصري عاش تلك الفترة الزمنية في يونيو من عام 1967 ميلادية، حينها صمم الشعب المصري وقياداته المخلصة بقيادة الرئيس عبد الناصر، على القصاص من المغتصب وإرغامه على إعادة الحق المغتصب.
ورفعت قيادة الشعب المصري شعار ما أُخِذَ بالقوة لا يُسترَد إلا بالقوة، وتم إعادة بناء الجيش المصري ليواكب التحدي الثقيل.
عشنا أيامًا لا يعرف فيها الشعب المصري إلا شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" متكاتفين متعاونين ومصرِّين على خوض معركة النصر التي كانت نُصب أعين كل مصري ومصرية، لدرجة أن انطلق الشباب في شوارع مصر وفي الجامعات، يطالبون القيادة السياسية المصرية بقيادة الرئيس السادات حينئذ بالتعجيل بالحرب التي ستعيد لهم سيناء الحبيبة، وكان الشارع المصري يموج بالغضب الشديد لتأخر هذه المعركة.
هنا نلاحظ الوقفة الشعبية الأصيلة لهذا الشعب المصري العظيم، والذي رفض استمرار سنوات احتلال جزء من الأرض المصرية، وكان يطالب بالحرب دون خشية ودون تراجع، متأكدًا من أن النصر قادم لا محالة،
هذا الشعب الأصيل الذي يظهر معدنه الحقيقي في وقت الأزمات، وبالأخص حين يشعر بأن كرامته تُمس وأن كبريائه يُخدش، وأن اعتزازه بذاته وأرضه ينكسر، حينها نجد الخصائص الحقيقية لهذا الشعب تظهر على السطح وتحسم أي جدال، ولا يكون فوق صوت المعركة أي صوت.
ونقول اليوم للكيان الغاصب لا يغرنَّكم طيبة هذا الشعب وبحثه عن الرفاهية وانغماسه أحيانًا في الترفيه، فهذا دأبه حين السلام والاطمئنان على أرضه التي هي عِرضه، لكن عندما يستشعر الخطر نجد الغالبية الكاسحة من هذا الشعب تتحول إلى مارد متماسك يسوقه هدير الغضب، لا يأبه بأي معايش أو تنعُّم، إلا أن يقف كالحائط الساند لقيادته، والمانع لأي تجاوز في حق كرامته وعزته،
ولا شك عندي في أن الموقف السياسي للقيادة المصرية اليوم، هو نفس الموقف الذي اتخذته القيادة المصرية في حرب رمضان أكتوبر 1973 من الإصرار على إنفاذ الرؤية المصرية والقرار المصري، تحت أي ظروف ورغمًا عن أي تخاذل عربي أو طغيان دولي، حيث لا تفرق هذه المعطيات عند هذا الشعب العظيم في وقت المحن والأزمات، لكن وعلى ما يبدو فإن البعض من السياسيين خارج مصر يحتاجون للتعرف على ماهية خصائص الشعب المصري، والتي قد يكونوا نسَوها بفعل تراكم الأيام عبر الزمان.
إن هذا الشعب بقيادته الواعية لقادرٌ بإذن الله على تحقيق إرادته كيفما تراها القيادة السياسية المصرية في أي وقت وفي كل حين.