ضد القوانين الكونية.. بقلم م.اشرف الكرم


قال لي: الحياة الآن نكد وتعب وإرهاق، وأخبار سيئة لكل ما هو حولنا وكل ما يخصنا، ولذلك أشعر بإحباطٍ شديد مع معاناة ثقيلة ويأسٍ مطبق،
قلت له يا صديقي: ولِمَ الإحباط وقد حصدنا نتائج كان علينا أن نتوقعها، لكننا بعيدين عن فهم أسبابها أو عن ذلك نتباعد، ؟!
نحن كالطالب الذي لا يستذكر دروسه ولا يتماشى مع متطلبات النجاح من حيث القوانين الدراسية ولوائح الانتظام في الحضور، ولا ينضبط في الاختبارات الشهرية ولا يُحصِّل من العلوم شيئًا، ثم ها هو يدخل الامتحان ويرسب، ثم بعدها يصرخ بأنه محبَط ومصاب باليأس، وأن العملية التعليمية كلها تعب ومكابده ونتائج محبطه.
نحن -أو بعضنا- مثل هذا الطالب تمامًا، حيث لا نتوافق مع القوانين الكونية التي تمثل إرادة الله في كونه، والتي تقوم على المسئولية والتوازن، وتبين اشتراطات قبول الدعاء وتشرح ضوابط ارتداد ما نفكر فيه علينا بشكل مضاعف، وبالتالي لم نتبين تأثير كل ذلك على حياتنا،
وهذه القوانين الكونية كثيرة ومتعددة، وهي أيضًا مستمرة لا تتوقف عند أحد، ولا تجامل أحدًا أو مجتمعًا على غيره، كذلك هي لا تتبدل ولا تتغير على مر العصور وبالتالي نسمع كثيرًا مقولة "إن التاريخ يعيد نفسه" بسبب أن تلك القوانين لها خصائص ثابتة تنطبق على أي حقبة زمنية لتجعلها متشابهة مع الحقب الزمنية الأخرى -عند تشابه التوافق أو التضاد مع هذه القوانين الكونية- سواءً في الماضي أو في الحاضر، وأيضًا سيكون ذلك في المستقبل.
قال صديقي: لكن الله وعدَنا بأننا سننتصر، وستكون لنا العلياء وأيضًا سنحيا في عِزَّة بنص آياتٍ في القرآن الكريم.
قلت له: يا صديقي هذه الآيات التي بها الوعود بالنصر والإرتقاء لها أيضًا اشتراطات، وتندرج جميع تلك الاشتراطات تحت قواعد هذه القوانين الكونية، التي إن تطابق معها أي إنسان وصلت به إلى النجاحات والانتصارات ليعيش حياة الغلبة والتفوق حتى لو كان كافرًا أو ملحدًا، لأنها-كما ذكرنا- في خصائصها لا تجامل مجتمعًا على مجتمع، وهكذا أرادها الله كجزء من عدل الله في أرضه على كل البشر.
نحن يا عزيزي لا نتطابق ولا نتوافق مع تلك القوانين الكونية، بل نسير في عكسها ونطلب نتائجها الإيجابية رغم عدم توافقنا معها، وهذا لن يحدث ولم يحدث على مر العصور،
فنحن مثلًا نسير ضد قانون المسئولية، حيث نخلط بين القدر وبين الأسباب التي تمثل مسئوليتنا، ونحن كذلك ضد قانون التوازن حيث نعطي بلا حساب ولا توازن ونمنع كذلك بلا توازن، ونُغرِق في العاطفة التي تجعلنا نكيل بأكثر من مكيال بين المحيطين بنا، ليضعف العدل بين أفراد المجتمع بعضهم بعضًا، كذلك نحن نكرر ليل نهار تأففنا وضيقنا وجزعنا من واقعنا -دون شكر النعم التي لا تحصى لدينا- ولا ندري أن ترديد ذلك الجزع والشكوى يرتد إلينا مضاعفًا بنتائج تُزيدُنا يأسًا وإحباطًا.
ويحدث ذلك حين تتملكنا تلك الأفكار السلبية التي هي ضد القوانين الكونية فتؤثر على أقوالنا وأفعالنا وسلوكياتنا وبالتالي نحصد أسوأ النتائج في هذه الحالة، ونظل نشكو ونكرر نفس الممارسة.
ولا ننسى أن من تماشَوا مع تلك القوانين ولم يتضادوا معها عَلوَا وانتصروا، سواءً كان ذلك في عصور النبوَّات حين انتصروا وملكوا الدنيا، أو في يومنا هذا ممن تطابقوا في أفعالهم مع تلك القوانين فملكوا باتباعها الدنيا وحصدوا الانتصارات.