م. اشرف الكرم يكتب.. مأزق ”بلبن”


نتابع السجال الدائر بين جموع الناس عن الخبر الأشهر في يومنا هذا، وهو إغلاق سلسلة محلات "بلبن" وغيرها، ضمن تلك السلسلة من المطاعم الغذائية المنتشرة في أنحاء مصر، وذلك بعد إغلاقها أيضًا في المملكة العربية السعودية في حدثٍ أعتبره فارقٌ وكاشف.
وفي هذا الموضوع محاور متعددة يجب أن نلقي عليها الضوء ونتابعها، ونراجع أنفسنا فيها بشكلٍ جماعي ووطني، للتعرف على الشخصية المصرية بردود أفعالها المتعددة تجاه هذا الموضوع، والتي يمكن إدراجها كالتالي:
أولًا: تم إغلاق نفس سلسلة المحلات المذكورة -أو بعضها- في المملكة السعودية تحت عنوان المراقبة الصحية وعدم الالتزام الصحي بالمنتجات، حينها كان رد فعل المجتمع المصري مشيدًا بما يجري في المملكة، وتعالت الصيحات بأنهم يخافون على المواطن السعودي هناك، حيث يتابعون ويراقبون، وتمت قراءة الحدث بمصر على أنه إيجابي.
ثانيا: حين قامت هيئة الغذاء والدواء بمراجعة نفس سلسلة المحلات في مصر، واكتشفت أن هناك خللًا في المنتجات صحيًا، -وهو الذي لم ينفِه صاحب العلامة التجارية في برنامج الحكاية بالأمس- وتم اتخاذ نفس الموقف الذي تم اتخاذه في المملكة، كان رد الفعل بالمجتمع المصري بأنه تم الضغط على صاحب سلسلة المحلات، وأن هناك أشياء في الكواليس لم يرضخ لها صاحب العلامة التجارية، ضمن سلسلة من الشائعات التي ليس لها أي دليل إلا في أذهان وثقافة وموروث البعض من أبناء هذا المجتمع، وتمت قراءة الموضوع على أنه شيءٌ سلبي.
ثالثًا: نقرأ من ردود الفعل للمجتمع المصري بأننا شعبٌ عاطفي حتى الثمالة، حيث تم التركيز على كم هو عدد العاملين الذين سيتوقفون عن العمل، متجاوزين المشكلات الصحية التي قد تكون موجودة في تلك المحلات، رغم المطالبة كثيرًا بوجوب تشديد الرقابة الصحية على المطاعم، وهو أمر يجب أن نتدارسه جيدًا، ونبحث سبل التوعية العامة لرفع الوعي الصحي للناس.
رابعًا: تبرز جليًا أزمه ثقة حقيقية وواقعية بين المواطن المصري وأي من الإدارات الحكومية بمصر، وهو مأزق محتقن ظهر مع هذا الحدث، وهو ما يستوجب وجود إعلام وطني قوي ومؤثر، يخاطب العقل المجتمعي بشكلٍ فيه مصداقية، بل وفيه تقدير وتعامل احترافي للموروث السلبي بين المواطن والإدارات الحكومية عبر الأزمان.
وأخيرًا، أنا لا أتصور مشروعًا غذائيًا يمكن أن يفتح تلك السلاسل من معارض البيع المتنوعة والمتعددة بهذه السرعة، والذي يحكم على تصوري هذا هو الأجهزة الرقابية ولست أنا، وليس أيضًا أيٌ من المتابعين الكرام، فهو مجرد تصور، قد أكون فيه مخطئًا.
وعن نفسي فأنا أثق في الأجهزة الرقابيه التي تتبع الدولة، وبخاصة الأجهزة السيادية والأمنية، وأُضيف إليها الأجهزة الرقابية الغذائية والصحية، وسيكون القول الفصل عندي في هذا الأمر إليهم جميعًا.