الاعلمية دينا شرف الدين تكتب ” عن قوة تأثير الدراما ”


شاهدنا بالأيام القليلة الماضية حدثاً مروعاً بات قضية للرأي العام و هو اغتصاب هذا الموظف المسن للطفل ياسين ذو الخمس سنوات علي مدار عاماً كاملاً وسط صمت و تستر من آخرين في المدرسة التي تم بها هذا الجرم الشنيع ، و الذي كان مثاراً للجدل و الإنفعال و التضامن ،ثم كان ختامه عقاباً شديداً و حكماً رادعاً للقضاء المصري العظيم بالمؤبد لهذا الوحش المفترس ، ما أثلج صدورنا و طمئن قلوبنا جميعاً.
لذا :
كان لزاماً علينا أن نقف لنتأمل هذا الموقف و نسترجع كافة المؤثرات الخارجية التي حولت أزمة ياسين إلي قضية رأي عام شغلت الشارع المصري بأسره ، و التي لا تختلف كثيراً عن جرائم أخري شديدة البشاعة من قتل أم لأبنائها و أب لأولاده و أبن لأمه أو أبيه و غيرهم ، نقرأ عنها يومياً بنشرات الأخبار و تستوقفنا لوهلة ، ثم سرعان ما تصرفنا مشاغل الحياة عنها و ما أكثرها.
و لكن:
كان هناك سبباً قريباً شديد التأثير في تلك القضية تحديداً ، و هو العمل الدرامي ( لام شمسية) الذي تم عرضه بالنصف الثاني من شهر رمضان الماضي و الذي تفاعل معه جمهور المشاهدين بشكل كبير نظراً لطرحه قضية اجتماعية خطيرة و جريئة لم يتم طرحها من قبل بعمل درامي ، ثم سرعان ما ظهرت أزمة ياسين التي شبه تطابقت مع أحداث المسلسل عن طريق المصادفه، لنجد الشعب المصري بأكمله قد اندفع بشكل تلقائي مطالباً بحق ياسين بغضب و إصرار و ثقة غير مسبوقة .
و كأنه قد استلهم رد الفعل و تصعيد الموقف و الإصرار علي القصاص بالقضاء العادل بشكل تلقائي دون جهد بالتفكير من أحداث العمل الذي بحق كان انعكاساً حقيقياً للواقع بالأدلة القاطعة، و الذي انتهت أحداثه بانتصار القضاء المصري الذي لا يباع و لا يشتري بكنوز الأرض لحق الطفل و إدانة المجرم و الحكم عليه بأشد عقوبة ، ليثلج قلوب جمهور المشاهدين بالعمل الدرامي كما أثلج صدور المصريين بالواقع .
نهاية:
كل التحية والتقدير للقضاء المصري العظيم اذي لم تهتز ثقتنا بنزاهته يوماً ، و كل الشكر لصناع العمل الدرامي الذي اختار أن يطرح قضية شائكة مسكوت عنها ليشجع كل أم و أب قد تعرض أبنائهم لموقف مشابه و سكتوا عنه خشية الشوشرة و تنمر المجتمع أن يتخذوا مساراً سليماً و يطالبوا بحق طفلهم ممن آذاه و هو مطمئن قلبه أنه سوف ينجو بفعلته.
فهل تعود الدراما المصرية كما كانت بالماضي غير البعيد ؟، تلك التي شكلت وجدان أجيالاً كثيرة و اقتحمت البيوت المصرية بما يليق و وجهت سلوكيات و زرعت قيماً و أخلاقيات و انتماء ووطنية و هوية و إنسانية .
نتمني أن تخرج المزيد من الأعمال الدرامية الهادفة التي تقتحم قضايا و مشاكل المجتمع المصري بكل جرأة لتطرحها بشكل شيق جاذب ، بغية الإصلاح و الإرشاد والتأثير الإيجابي بالأجيال الجديدة التي قد أصابها المرض النفسي و الأخلاقي و السلوكي نتيجة سنوات طويلة من التلوث السمعي و البصري و المؤثرات السلبية التي حاوطتها من كل اتجاه.
فحقاً الدراما الجيدة الهادفة لها تأثير السحر علي المجتمع.