م.اشرف الكرم يكتب”“وجه جديد للإرهاب”“


منذ سنوات تابعنا المأساة التي نتج عنها أكبر حريق عرفته محطة سكك حديد مصر، حين تحرك جرار القطار دون أن يكون فيه سائق، نتيجة عدم تأمين حركة الجرار بمكابح توقف حركته، ونزل السائق المتسيب والمهمل في إداء عمله لشيءٍ ما، فتحرك الجرار وانطلق ليصطدم بالصدادات التي كانت في آخر خط المسار الحديدي بمحطة الركاب، لينفجر كل شيء بالمحطة، وتشتعل النيران لتلتهم الأخضر واليابس في مشاهد عبثية، ليس فيها مذنب إلا سائق مهمل يعيش على ارض مصر بلا مبالاة ولا مسئولية ولا يستحق حتى الحياة، ضمن منظومة مليونية من مثل هذا السائق، ممن يعيشون على معاني "سيبها لله" بلا أي اكتراث، أو "ربك بيسترها" أو "سلمها لله" إلى آخر هذه الجمل التي بنفس هذا المعنى المغلوط، كما لو أن الله قد أعطاهم صكًا بأنه مسئول عن اهمالهم -حاشا لله- أو أنه سيُجبِر تكاسلهم وإهمالهم من عنده، في حالة تعبِّر عن مدى خطورة وجود هؤلاء البشر بيننا على أرض مصر.
ومنذ يومين تطالعنا الصحف والمواقع الإخبارية، بمأساة أخرى لا تقل تسيبًا وإهمالًا عن مثيلاتها المتتالية من الحوادث المحزنة بل والمخزية، التي تدمر بشكل خطير وتروع الآمنين على أرض الوطن، حيث انفجر خط الغاز الرئيسي عند مدخل مدينة أكتوبر بطريق الواحات، نتيجة أعمال حفر في المنطقة، وكان التنفيذ دون تنسيق مسبق مع الجهات المختصة بشبكات الغاز، وهو أمرٌ غاية في الإهمال والبشاعة، كانت نتيجته وفاة البشر واحتراق المركبات وإصابة الناس، لنجد أنفسنا أمام مآسي متعددة لكل من تضرر من هذا الحادث المخجل، والسبب أن أحدهم أهمل في مسئوليته في التنسيق مع المسئولين قبل أعمال الحفر، في ملهاة نعيشها في الكثير من الأعمال في بلادنا.
إن الاهمال والتسيب الذي يملأ عقول الكثيرين منا، بقناعات ليست من الدين في شيء، والذي ينعكس في أعمالهم التي تمس حياة المواطنين، هو إرهابٌ جديد، يجب أن يتم اقتلاعه بشيء من القوة الغاشمة، كما نجحت مصرنا بجيشها العظيم في اقتلاع الإرهاب من على أرض مصر، ومثل هذا الإهمال واللامبالاة ليس اقل خطورة من الإرهاب الذي كاد أن يودي بمصر الوطن إلى ما لا يُحمد عقباه.
هذه معركة كبيرة، يجب أن يخوضها كل المصريين بمؤسساتهم التربوية والدينية والإعلامية والسياسية والحزبية والتعليمية وغيرها، لأن هذا الإهمال خطرٌ يرجع بالوطن إلى الوراء لعشرات السنين، مهما حاولنا التقدم والتنمية والتطوير.