”الملكة التي تنتظر قلبًا يشبهها” بقلم: أميرة البيطار


أنتِ امرأة تعرف جيدًا من تكون. لم تصعدي سلّم النجاح صدفة، بل شيدتِه بيديكِ، درجةً تلو الأخرى. صنعتِ حضوركِ من العدم، وحرّرتِ اسمكِ من زحام التكرار حتى صار لكِ صوت يُسمع، ومكان يُحترم، ومساحة لا تُنتَزع.
أنتِ تجيدين كتابة الأهداف، وقراءة الفرص، وترتيب فوضى الحياة في جدولكِ بإتقان. لا تخيفكِ الطرق غير المألوفة، ولا يرهقكِ انتظار النتائج. في عالم الأعمال، أنتِ الرمز والمثال، امرأة لا تنكسر ولا تكسر، تمضي بخطًى ثابتة لأنها تعرف أين تضع أقدامها.
لكن حين يطرق القلب بابه، تتبدل القواعد.
هناك، حيث لا خطط ولا أوراق عمل ولا مواعيد نهائية، تجدين نفسكِ عالقة في متاهة من المشاعر المتناقضة. تحاولين أن تديري الحب كما تديرين شركتكِ؛ بمنطق الإنجاز، والتنظيم، والقدرة على التحكّم. لكنه يفلت من بين يديكِ كالماء، يهرب من الصياغة، يرفض القيود، ويتمرّد على لغة المنطق التي اعتدتها.
كم مرة وجدتِ نفسكِ مع رجل لا يشبهكِ في النضج؟ كم مرة راهنتِ على الحوار، فقط لتكتشفي أن كلماتكِ تتساقط في فراغٍ لا يردّد الصدى؟ كم مرة، رغم قوتكِ واستقلالكِ، تمنيتِ أن يحتضنكِ أحدهم… لا ليُضعفكِ، بل ليحتفل بقوتكِ معكِ؟
في كل مرة تحاولين فيها أن تحبي، تُفاجئين بأن الحب لا يكافئ الاجتهاد، ولا يمنح ثماره بالصبر والمثابرة وحدهما. على عكس النجاح المهني، الحب يولد من طاقة صادقة لا تُدرك بالعقل، من مساحة داخلية تسمحين فيها لنفسكِ بأن تُحب، وتُحب كما أنتِ.
لا عيب في ذلك، ولا ضعف. إنه درس آخر في الذكاء العاطفي، لم يتضمنه منهج الجامعات، ولا جاء ذكره في الاجتماعات. إنه درس يبدأ عندما تتوقفين عن محاولة "السيطرة" على الحب، وتبدئين في احتضانه كما هو: مرآة صافية لما يسكن داخلكِ من مشاعر قديمة واعتقادات دفينة.
الحب ليس معركة تخوضينها، بل حالة من الاتساق مع ذاتكِ الحقيقية. حالة يتحقق فيها الانسجام بين الخارج والداخل، حين يكفّ قلبكِ عن الركض خلف القبول، ويبدأ في استقبال الحب الذي يليق به، ندًّا لندّ، في طاقة من الاحتواء والاحترام.
ربما حان الوقت لأن تتوقفي عن مطاردة منطق الحب، وتبدئي رحلةً أعمق نحو طاقتكِ الأنثوية… تلك التي تسمح ولا تلاحق، تُنير ولا ترواغ، تمنح دون أن تنسى ذاتها.
فأنتِ لم تولدي لتكوني قوية فقط، بل لتُحبي كما يليق بملكة.