أميرة البيطارتكتب ”“كلنا فاسدون... ولكن!”“


لم نعد نرتجف كما كنا…
مات فينا الإحساس بالتبعات، فصار السكوت رأيًا، والتغاضي حكمة، والانحناء دهاء.
كلنا فاسدون…نعم، لا أستثني أحدًا، حتى أولئك الذين تسلّحوا بالصمت وارتضوا أن يكونوا شهود علينا بحجّة "ما باليد حيلة ؛ حتى بالصمت العاجز ؛ والموافقة الصامتة نخفض رؤوسنا ونقول: ماشأننا؟
"كلنا فاسدون حين سقطت القيم سكتنا ؛ وحين بُذل الحق رخيصًا صفقنا ؛ وحين نُهبت الكرامة باسم الضرورة غضضنا الطرف"
قال تعالى: "وكان الشيطان للإنسان خذولًا "
نصلي ونعرف أننا نظلم، نردد "ولا تُقرّوا بالباطل" ثم نُقرّ كل باطل عرفناه، نخشى الناس ولا نخشى الله، نطلب عدل السماء وقد خنّا ضمائرنا على الأرض.
أنا لست أنزه نفسي… بل أقرّ أني سقطت، كما سقط هذا الجيل كله.
دخلنا نفق الحيلة وتلذذنا بالنجاة الفردية، سميناها "تدبيرًا" وهي محض للأذى.
أصبحنا نُراوغ في تفسير الخطأ، ونجمّله بالضرورة، نبيع المبدأ في سوق المصالح، ونبرر الصفقات بالواقع.
تجمدت أرواحنا، وصارت المصائب لا تهزّ فينا رمشًا.
أليست هذه جريمة؟!
أتحدث هنا عن محاكمة حالة، عقل، مجتمع، صمت، جبن، موافقة.
أطلب فقط أن نفيق…أن ندرك أننا نرتكب الجريمة ذاتها حين نسكت عن الحق،حين نُصلي وقلوبنا مُلطّخة بظلم مقنن.
أريد أن نصلي صلاةً لا كلمات فيها، بل نحيب واعتراف.
صلاة الخائفين من عدالة الله، لا المتحايلين على عدالة البشر.
صلاة لا تُرفع فيها الأيدي، بل تُرفَع فيها القلوب… على مذبح التوبة.
يا من بيده الأمر،
لسنا خصومًا، نحن فقط شهود على انهيار أخلاقي عظيم،
نحن شهود على مجتمع فقد كثيرًا من طهره… وما زال فيه أمل .
ولكني أدين قلوبًا قست ؛ وضمائر نامت وألسنة صمتت؛ أدين التبلد بإسم الواقع؛ وأدين الكسل لنصرة الضعيف.
فاغيثونا... اغيثونا.
قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله،حيث لا أحد ينفع، ولا أحد يُطاع،بل نفسٌ تحاسب، وعدلٌ يُقام، وحقٌ لا يُشترى ولا يُؤجل.
كل مانحتاجه أن نستفيق أن نصلي ركعة لم تأت بعد ركعة حقيقية نقف بها أمام الله...لا بأجسادنا؛ بل بأرواحنا، نعترف ونبكي..ونعد ألا نصمت مرة أخرى أمام الظلم..
مهما كان لونه، أو اسمه ؛ أو شكله