×
24 جمادى آخر 1447
14 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

من هنا نبدأ… الأدب مع المعلم: أثرٌ خالد ومسؤولية مجتمع .. بقلم: د. مدحت يوسف

المصريين بالخارج

في كل مرة أعود فيها بذاكرتي إلى بدايات الطريق، إلى حيث تشكّل الوعي الأول وتأسست الملامح الأولى لشخصيتنا، أجد أن جذور ذلك كله ترجع إلى أيدٍ صافيةٍ صادقة، إلى معلمين زرعوا فينا ما لم تمحه الأيام، ولم تضعف أثره السنون. لم يكن التعليم آنذاك تلقيناً ولا معلوماتٍ تُصبُّ في عقولنا، بل كان تربية قبل التعليم، حباً ممزوجًا بالحزم، وأبوة مشبعة بروح الإخلاص والمسؤولية.

في المرحلة الابتدائية، تلك المرحلة التأسيسية التي لا تنسى، حفرت أسماء معلمينا في قلوبنا أثراً لا يمحى، لأنهم لم يكونوا مجرد ناقلي معرفة، بل كانوا بُناة نفوس، ومهندسي وعي، ورُسلاً للخير في أشكالهم البسيطة، بكلماتهم القليلة، ونظراتهم التي كانت تقول الكثير.

أتذكر بكل فخرٍ وامتنان المعلمين الذين شكلوا وجداننا في تلك المرحلة: المعلمة أماني، والمعلمة فكرية، والأستاذ محمد عبدالجبار، والأستاذ محمد عبدالخالق، والأستاذ فؤاد بدران، والأستاذ حمدان قنيبر، والأستاذ عابد الباشا، رحم الله من غادر منهم وأمدّ في عمر الأحياء بالصحة والعافية. وكان نُظار مدارسنا الكرام جزءاً أصيلاً من هذه الرحلة، أمثال الأستاذ محمد الصعيدي، والأستاذ محمد حسيب، والأستاذ أحمد داوود، الذين لم يكونوا فقط مسؤولين إداريين، بل رموزًا للهيبة والانضباط والأبوة الصادقة.

لم ننسَهم يومًا، لأنهم تركوا فينا أثراً، ليس بالكلمات فقط، بل بالمواقف، بالمحبة التي كانت تلبس ثوب القسوة أحيانًا، لكنها قسوة مملوءة بالحب والحرص، تربّت على أكتافنا ذات صباح، أو نظرة دفعتنا لأن نكون أفضل. لقد أدوا واجبهم كآباء وأخوة قبل أن يكونوا معلمين، فاستحقوا كل احترام، وكل ذكرٍ طيب لا ينقطع.

ثم جاءت المراحل التالية من الرحلة، الإعدادية والثانوية والجامعية، وكلها مراحل زادتنا عمقًا واتساعًا، ووجدنا فيها معلمين عظماء، كلٌّ منهم أضاف لبنة في بناء الشخصية، وساهم في صقل الفكر وتوسيع الأفق، فكانت رحلة العلم متكاملة الجوانب، متراكمة الأثر، قاعدتها الأولى معلم ابتدائي زرع النبتة الطيبة، التي لم تمت.

إن احترام المعلم ليس ترفاً تربويًا، بل هو ضرورة إنسانية ومجتمعية. فكما أن للمعلم حقوقًا، فإن عليه أيضًا واجبات. من حقه أن يُكرّم، ويُحترم، ويُوفَّر له مناخٌ تربوي واجتماعي يليق بعظم الرسالة التي يحملها. ومن واجبه أن يترك أثراً، أن يكون قدوة، أن يؤمن أن كل كلمة وكل نظرة وكل موقف منه، يُشكّل جزءًا من هوية طالب سيكون غدًا فردًا في المجتمع.

والمجتمع كله – بمؤسساته وأسرِه وأفراده – مسؤول عن تمهيد الطريق للمعلم ليقوم برسالته، ومسؤول أيضًا عن تربية أبنائه على توقير المعلم وتقدير دوره. فالطالب الذي يحترم معلمه، يفتح قلبه لتأثيره، ويمنحه مساحة ليغرس فيه القيم قبل العلوم.

إننا لا ننسى من علمونا، لأنهم لم يعلمونا فقط، بل ربّونا. أثّروا في ذواتنا، وحفروا في وجداننا، وهم اليوم في دعائنا وذكرياتنا وأخلاقنا، وكل عمل صالحٍ نقوم به، هو امتداد لأثرهم، وميراثهم التربوي الذي لا يُنسى.

رحم الله من غاب منهم، وبارك في أعمار من بقي، وجعل كل أثر تركوه فينا في ميزان حسناتهم. فلنُحيِ قيمة الأدب مع المعلم، لأنها بداية بناء أمة، وصناعة مستقبل.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأحد 10:55 مـ
24 جمادى آخر 1447 هـ 14 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:10
الشروق 06:43
الظهر 11:50
العصر 14:38
المغرب 16:56
العشاء 18:19