من هنا نبدأ ...
سلاحنا لحماية الأوطان من شر الشائعات
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتداخل فيه المصالح، لم تعد الحروب تقتصر على الأسلحة فقط، بل أصبحت الكلمات هي ساحتها الأساسية. فاللسان، بما ينطقه من حق أو باطل، قادر على بناء الأوطان وتعزيز وحدتها، أو إشعال الفتنة وزرع الفرقة. الكلمة الواعية تحمي المجتمعات، بينما الشائعات تزرع بذور الخراب وتفكك الصفوف.
على مستوى الأفراد، اللسان هو مرآة الشخصية ومفتاح العلاقات الإنسانية. كلمة صادقة ومدروسة تفتح أبواب الثقة والمحبة وتبني جسور التواصل، في حين أن الكلمات المتهورة أو الكاذبة تزرع الكراهية والعداء، وتدمر ما استغرق بناءه سنوات. ضبط اللسان يعكس نضج الإنسان وقوة شخصيته، ويجعله عاملاً فاعلاً في نشر السلام لا الصراع.
على مستوى الأوطان، الكلمة أداة رئيسية في تشكيل السياسات وصنع القرارات. خطاب متزن من القادة يهدئ التوترات ويعيد التوازن، بينما التصريحات الطائشة تؤجج النزاعات وتفتح أبواب الأزمات. التاريخ يشهد على دول نجت من الحروب بفضل حكمة القول، وأخرى غرقت في دوامة الصراعات بسبب كلمات غير محسوبة.
وعلى مستوى الشعوب، فاللسان إما أن يكون خيطًا يوثق النسيج الاجتماعي، أو سكينًا يقطعه. الكلمات البناءة تعزز الوحدة الوطنية والتضامن، أما الكلمات التحريضية فتهدد التماسك وتفتح أبواب الانقسامات التي يصعب إغلاقها.
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، ازدادت خطورة الكلمة، خاصة مع انتشار الشائعات التي تهدد الأمن والاستقرار. الشائعة تنتشر بسرعة كبيرة، مسببة الذعر والفوضى، وتؤثر على الاقتصاد والعلاقات الاجتماعية والسياسية، ويصعب تصحيحها حتى بعد فضحها.
مسؤولية التصدي لهذا الخطر تقع على عاتق كل فرد، بضبط لسانه وقلمه، والتحقق من صحة المعلومات قبل نشرها أو مشاركتها. نشر الحقيقة واجب وطني وأخلاقي، والكلمة الواعية تحفظ الأرواح وتحصن المجتمعات، بينما الكلمة المتهورة أو المغرضة تهدرها بلا رجعة.
فلنجعل كلماتنا حصونًا للسلام، وألسنتنا أدوات للحقيقة، مدركين أن الكلمة الصادقة هي الدرع الحقيقي لحماية الأوطان، وأن الشائعات أخطر من أي سلاح، لأنها تهاجم العقول وتهدد وحدتنا من الداخل قبل أن يأتي العدو من الخارج.


















