بلقيس ملكة سبأ ورثت بلقيس عن أبيها حكم مملكة سبأ في اليمن فهي من عائلة ملكية عريقة،
عبد الموجود دسوقي المصريين بالخارجكانت بلقيس قويةً حكيمة فقد حاربت كلّ من فكّر بالتهجم على مملكتها، وقد عاش أهل سبأ في فترة حكمها في طمأنينة وقوة وتمتّعوا بالرخاء والعمران والحضارة والتمدّن،
وقد ذاع صيتها بين الأمم لما كان لمملكتها من الغنى والترف، فقد كان عرش بلقيس ساحر الجمال وكان سريرها مرصّعًا بالمجوهرات والقوارير والزخارف الرائعة، كما أنّها رمّمت سدّ مأرب الذي تآكل مع مرور الزمن ممّا أمّن الماء الوفير لأهل سبأ.
قصة عرش بلقيس والنبي سليمان تبدأ قصة عرش بلقيس مع النبيّ سليمان عندما بعث -عليه السلام- الهدهد في مهمّةٍ عظيمة من بلاد الشام إلى اليمن وهي البحث عن الماء، ⬅ولمّا ذهب الهدهد في رحلته وصل إلى مملكة سبأ وشاهد عرش بلقيس وما عليه من الغنى والترف،
⬅ولاحظ أنّ أهل مملكة سبأ يعبدون الشمس ويقدمون لها القرابين، فعاد مُسرعًا إلى سليمان -عليه السلام- ليخبره بما رآه، وقد ورد ذكر هذا في قوله -جلّ وعلا- {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ}،
فما كان من سليمان -عليه السلام- إلّا أن أرسل لها بأن تأتي وتخضع لملكه وتؤمن بالله الواحد وتكون من المسلمين. فذهب الهدهد بكتاب سليمان وألقاه على بلقيس،
ومن رجاحة عقلها استفتت وزراءها وأخبرتهم بأمر هذا الكتاب وطلبت مشورتهم، وممّا ذُكر في سورة النمل في بيان قصة بلقيس قوله -تعالى-: {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ *
قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}،
وقد ظهرت حكمتها في أنّها اختارت التودد والسلم مع أنّ الوزراء أشاروا عليها باتخاذ سبيل الحرب،
لكنّ سليمان استنكر فعلتها وغضب من تصرفها لأنّ غايته لم تكن المال ولا الملك بل كانت دعوتها للإسلام والهداية، فردّ هديتها وأخبر رسولها بأنّه إن لم تأتيه بلقيس وأهلها مسلمين سوف يغزوهم.
ولمّا علمت بلقيس بما قاله سليمان -عليه السلام- وأيقنت مدى قوته جمعت جنودها وحرسها واتجهت إلى الشام قاصدةً مملكة سليمان -عليه السلام-،
فأوحى الله -تعالى- لسليمان بأنّ بلقيس وجنودها قد أتوك مسلمين، فأراد أنّ يثبت لها ولقومها نبوّته وقوته وملكه، فأرسل إلى الجن والأنس وجمعهم وقال لهم من يأتيني بعرش بلقيس قبل أن تصل هي إليّ فأجابه أحد الحاضرين ممن كان له علمٌ بكتاب الله بأنّه سيأتيه به قبل أن يرتد له طرفه، وبالفعل أحضر عرش بلقيس كاملًا لم ينقصه شيء في طرفة عين.⬅ ولمّا وصلت بلقيس وجنودها تفاجأوا بوجود عرش بلقيس عند سليمان، إلّا أنّ سليمان -عليه السلام- غيّر في ملامح عرش بلقيس ليرى مدى ذكاءها وقوة انتباهها، فقد جعل عرشها فوق زجاجٍ تحته ماء، فلمّا رأت بلقيس عرشها صعدت إليه وشمّرت عن ساقيها ظنًّا منها أنّه على سطح الماء، ولما سألها سليمان أعرشك هكذا؟ أجابت كأنّه هو، وقد قال -تعالى- {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}،
وفي هذه الآية بيانٌ على أنّ ذكاء بلقيس وفطنتها كان سببًا في إسلامها واتباعها سبيل الرشاد ودين الله.