الفوضى الخلاقه.... وانفجار بيروت
علاء سحلول المصريين بالخارجكتب : م.أشرف الكرم
طالعتنا صبيحة ذات يوم الأخبار، بالصحف والميديا الإعلامية، بأن الشرق الأوسط يحتاج إلى تقسيم جديد يروق للآخر المترصد، من الذين رأوا أن الفوضى الخلاقة هي الملاذ الصائب لتحقيق رؤيتهم الأحادية تجاه بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،وحين سمعنا عن تلك الرؤية وهذا المصطلح الذي يدعو للفوضى في بلداننا، لم نتصور أنه من الممكن حدوث ذلك، إذ كيف لشعوب بلادنا العربية الأبية الواعية، أن تستسلم لمخططات تدمير الأوطان، خصوصا بعد أن أعلنها الآخر بكل تبجح، بوجوب خلق الفوضى التي تُفضي إلى واقع جديد في بلادنا.
وقد رسم الآخر لكل بلدٍ من بلادنا العربية خططًا للانهيار بما يتناسب مع ديموجرافية الشعوب وثقافاتها و طوائفها وأعراقها, وفي كل وطن يشعلون النار بشكل يناسب مكوناتها وموروثها الثقافي.
لكنّ المؤسف حقًا، هو أن بلادَنا العربية وشعوبها قد وقعت بالفعل فريسة سهلة وسائغة لتلك المؤامرة، ترضخ لمخططات الآخر بكل سهولة ويسر، تحت دعاوي محاربة فساد الأنظمة تارة، أو لتعاركٍ مع الطوائف المتخالفة معها تارةَ أخرى مرورًا بتعاطف مصطنع مع فئات المجتمعات المتعددة في أوطاننا.
ولم تفطن شعوبنا العربية إلى أن ما تناقلته الأخبار العالمية عن الفوضى الخلاقة يومًا ما، بأنه يتحقق فعليًا على أرض الواقع، و ينفذ على أيديهم،واستمرت هذه الشعوب في دروب تنفيذ تلك الرؤى التي تعمل على تفتيت البلاد العربية وإشعالها حروبًا في سبيل خلق واقعٍ جديد.
وليس انفجار ميناء بيروت عنا ببعيد، إذ أن لبنان الذي كنا نحلم بأن نعيش فيه أو على الأقل نزوره سياحيًا لأيام،حين كنا نرى جمال طبيعته الخلّابة في أفلامنا العربية، وحين كنا نقرأ على أغلفة أعظم الكتب الثقافية جملة "طبعة بيروت" لنتخطفها لأنها الأفضل، في منظومة تقبل التنوع والتآخي بين المختلفين وتنشر الثقافة للعالم العربي.
لكن بين سنينٍ وأخرى، تحوَّل لبنان ـ بفعل فاعلٍ أو أكثر ـ إلى ساحة عراكٍ فكري، أو تحارب واقعي بشكلٍ أو بآخر، حتى أضحى هذا البلد الجميل تحت وطأة الطائفية المقيتة التي تأكل في البلاد الأخضر واليابس.
ولا عجب في أن الشعوب التي ترتضي أن تكون أداةً من أدوات تنفيذ مخططات الأعداء، أن لا تُلقي بالًا لوقائع الإهمال أو التآمر في الميناء، بما يتسبب في كارثة إنسانية لبنانية تابعناها بحبس الأنفاس على شاطيء بيروت.
إن نظرةً عابرةً، على أحوال كل بلادنا العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وما تمثله من تفاقم الأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا ولبنان والسودان المقسّم وغيرها، لكفيلة بأن نعلم أنه لا ملاذ لشعوبنا العربية إلا في الإصطفاف والتوحد في الوطن، تحت لواء مؤسسة وطنية مخلصة يختارونها، ولن يُعدَموا وجودها،مؤسسةٌ تدار بمن يعملون على تنمية الأوطان وحمايتها، فيدعموها ويساندوها لتكون لهم درع في وجه التعدي بالمؤامرات أو العدوان.
ولا أظن مؤسسة وطنية مخلصة في أي وطن مثل المؤسسة العسكرية التي تستطيع أن تحسم الأمور وتفرض الواقع اللافوضوي، وتدحض مخططات الآخر الذي لا يريد لبلادنا خيرًا.
حفظ الله بلداننا العربية وجيوشها وشعوبها، وحفظ الله لمصر جيش مصر، للذود عن وطننا مصر.