مسئولية الآباء ومفهوم الرزق
علاء سحلول المصريين بالخارجبقلم : م.أشرف الكرم
موضوع شائك و مشتبك،، طال اللغط فيه وكثر الجدال حوله، واختلف الناس عليه حيث تم اقحام المفهوم الديني فيه فتحول مسار الحوار فيه إلى خشية، وتصلبت شرايين النقاشات عنه بشكل شديد.
خاضت فيه الحكومات المتعاقبة بمصر بطرق وأساليب متنوعة ومتعددة، فشلت كثيرًا وحققت أهدافًا متواضعة، وزهدت في إحيائه أغلب النظم، منذ أن خرجت علينا إعلانات تنظيم الأسرة بشكل غير احترافي وغير مدروس، مثل "أنظر حولك" إلى أن وصلنا إلى "حسنين ومحمدين" مما قد يناسب فئات من المجتمع ولا يناسب الأخرى.
إنه موضوع التوعية بعدد الأبناء في الأسرة، والذي سموه أحيانًا تحديد النسل ثم تنظيمه إلى آخر تلك المسميات، وعلاقته بالرزق، تلك العلاقة التي جعلته حساسًا وأدت إلى عزوف الجميع عن مناقشته.لكن يظل هذا الموضوع محتاجًا إلى فض الاشتباك، وحسن الخطاب، بتحليل واعٍ لما يجب أن نخاطب به الناس بمفهوم لا يصطدم أصلًا مع الإيمان بالرزق الذي هو من عند الله تعالى، حيث يجب أن نوجه عناية الناس بأن ما نهدف إليه هو ليس تقليل عدد الأبناء خوفا من قلة الرزق، فهذا سيتعارض مع المفهوم العقدي لدينا في موضوع الرزق، لكن الذي يجب التركيز عليه هو فكرة مسئولية الآباء عن التربية والمتابعة للابناء، وكيف أن عليهم متابعة الأبناء وتوجيههم وتتبع أصدقائهم والالتحام معهم فكريًا وماديًا كي لا يكونوا فريسة لأفكارٍ شاذة متطرفة، ولا ينزلقوا في براثن السقوط الأخلاقي أو الإدمان أوغيره.
وعلى ذلك فإن من يستطيع تأهيل أبناءه بالتوجيه والمتابعة والتربية والرعاية فليفعل ولا بأس، لأنها مسئولية وواجب. أما من لا يستطيع المتابعة والتوجيه والرعاية والتربية والتأهيل،، فعليه تنظيم النسل، بالشكل الذي يمكنه من القيام بمسئولياته في ذلك، وكل ذلك بعيدًا عن أي مسئولية عن الرزق.
نشأ عن هذا الالتباس في هذا الموضوع، بين مسئولية الآباء في التوجيه والتربية و مفهوم الرزق، أن أصبح بعض الآباء بلا مسئولية بشكل مفتوح لا حدود له، تحت عباءة أن الرزق بيد الله، واستباح البعض من هؤلاء الآباء أبناءه واتخذهم ذريعة لجلب المال له، بإخراجهم من منظومة التعليم والدفع بهم إلى سوق العمل أطفالًا، وإذا ما قلت له لماذا تخرجهم من التعليم، يقول بسهولة: قلة ذات اليد، فإذا ما قلت له عليك تنظيم النسل يسارع باتهامك بقلة الدين، حيث أن الرزق بيد الله، في متوالية عجيبة من المراوغة.
وهنا يجب فك الاشتباك بتوضيح الفصل بين المسئولية والرزق، حيث أن الرزق ليس مسئولية الآباء، فهو مكفول عند الله، لكن المسئولية الحتمية على الآباء هي التوجية والرعاية والتربية.
يا سادة، نحتاج لوضع الآباء عند مسئولياتهم تجاه الأبناء، وذلك بفصل قضية الرزق عن قضية مسئولية الآباء نحو أبنائهم من خلال التوجيه والرعاية والتربية، وأن عليهم من خلال تلك المسئولية أن يقدموا أبناء فاعلين ومضيفين للوطن، وليسوا متراجعين علميًا وحضاريًا بسبب إهمال الآباء لتربيتهم، فينتج عن ذلك أبناء على أوطانهم عالة، يمثلون حملًا على الوطن وأبنائه العاملين.