السلطان سليم الأول

يعتبر السلطان سليم الأول من أهم سلاطين الدولة العثمانية، فقد استطاع تاسع سلطان للعثمانيين خلال فترة حكمه بسط سيطرة السلطنة على مناطق واسعة، معظمها من المناطق العربية.

حياة السلطان سليم الأول الشخصية:

ولد سليم الأول في مدينة أماسية في الأناضول وهي من المناطق التابعة للدولة العثمانية (تركيا حالياً)، وذلك في عام 875هـ الموافق لعام 1470م، وتوفي وهو بالخمسين من عمره في مدينة جورلي العثمانية في عام 826هـ الموافق لعام 1520م.

من المعروف أن السلطان سليم الأول تزوج من عائشة حفصة خاتون، ولكن التضارب في الأخبار التاريخية كان حول زواجه من ثلاث نساء أخريات دون أن توجد معلومات تاريخية متواترة تؤكد ذلك.

للسلطان سليم عدد من الأولاد الذكور توفي بعضهم وهم أطفال، في حين أن ابنه سليمان بقي حياً، وقد استلم حكم السلطنة بعد أبيه وعرف باسم "سليمان القانوني".

كما أن للسلطان سليم 10 بنات منهن: (السلطانة حفصة، السلطانة بيهان، السلطانة بينهان، السلطانة خديجة، السلطانة فاطمة، والسلطانة هانم خاتون).

تولي السلطان سليم الأول حكم السلطنة العثمانية:

كان سليم أحد الأبناء الذكور الثمانية الذين أنجبهم والده السلطان بايزيد، وقد توفي خمسة من أخوته الذكور وهم أطفال ولم يبقى من أبناء بايزيد الذكور سوى سليم وأحمد وقرقود.

وقد كان هؤلاء الأخوة مختلفون في طباعهم حيث يهوى قرقود العلم والفنون والأدب، بينما كان لأحمد علاقات متينة مع الأمراء والأعيان، في حين أن سليم كان ذو طباع قاسية وشرسة محباُ للحرب، واستطاع استمالة الجنود والانكشارية الذين أحبوه.

نظراً لأن السلطان بايزيد خشي من الخلاف بين أبنائه فقد قام بتعيين كل منهم حاكماً على ولاية.

وبناءً على ذلك تولى سليم ولاية طرابزون منذ أن كان بالحادية عشر من عمره، وقد بقي حاكماً لهذه الولاية بكل حزم وبسياسة قوية لمدة وصلت إلى 29 عام، وذلك بين عامي 1481- 1510م.

أتقن سليم خلال ولايته على طرابزون اللعبة السياسية والعسكرية بالوقت ذاته، وهو ما ساعده لاحقاً بعد توليه سلطة البلاد.

وفي نهاية حكم والده نشب صراع بين سليم وأخوته ووالده على السلطة، واستطاع السلطان سليم الأول الإطاحة بوالده من الحكم، ولاحق أخوته حتى قتلهم لكي لا ينافسوه أو يهددوا حكمه، وتولى حكم السلطنة في عام 918هـ الموافق لعام 1512م.

حروب السلطان سليم الأول:

على الرغم من أن فترة حكم السلطان سليم الأول كانت قصيرة نسبياً، وامتدت فقط بين عامي 918- 926هـ الموافق لعامي 1512 - 1520م، إلا أنها شهدت العديد من الحروب والكثير من الإنجازات، ومن أبرز هذه الحروب:

· الحرب مع الصفويين:

انتصر العثمانيون بقيادة سليم الأول على الصفويين بقيادة الشاه اسماعيل في معركة جالديران عام 1514م، ووقع الكثير من قادة وجنود الصفويين بين قتيل وجريح وأسير (أعدم العثمانيون جميع الأسرى).

دخل السلطان العثماني مدينة تبريز الإيرانية منتصراً، واستولى على ثروات وخزائن الشاه اسماعيل فيها، وسارع بإرسالها إلى القسطنطينية.

ولكن بسبب الأحوال الجوية القاسية وقلة المؤنة لم يستقر السلطان سليم في تبريز سوى ثمانية أيام، وعاد إلى الأستانة، مصطحباً الثروات التي استول عليها، مع عدد من أهم علماء وحرفيي وكبار التجار في تبريز.

· الحرب مع المماليك:

كان المماليك يسيطرون على مصر ومعظم بلاد الشام ومناطق في غرب شبه الجزيرة العربية وأهمها مكة والمدينة المكرمة، فكان الهدف الرئيس للسلطان سليم السيطرة على هذه المناطق وبالخصوص المدينتين المقدستين مكة والمدينة المنورة.

جرت معركة مرج دابق بالقرب من مدينة حلب في عام 1516م، وانتصر فيها العثمانيون على الجيش المملوكي بقيادة قانصوه الغوري، وبعد هذه المعركة دخل العثمانيون بكل سهولة إلى مدن حمص وحماة ودمشق.

واصل العثمانيون زحفهم باتجاه مصر لينتصروا في عام 1517م بمعركة الريدانية بالقرب من القاهرة وأخضعوا بذلك بلاد الشام ومصر لحكمهم.

وبالقاهرة قام شريف مكة بتسليم السلطان سليم الأول مفاتيح الكعبة المشرفة، والتي ترمز إلى أن حاملها هو خليفة المسلمين وزعيم العالم الإسلامي.

خلال سنوات حكم السلطان سليم الأول كان أهل الجزائر يعانون من البرتغاليين والإسبان، فأرسلوا إلى السلطان سليم طالبين منه الانضواء تحت راية الدولة العثمانية.

وبالفعل فقد أرسل السلطان سليم ألفي انكشاري وفرقة مدفعية، وقام بإنشاء أسطول بحري مركزه الجزائر، وباتت الجزائر إحدى الولايات العثمانية.

وفي الختام نشير إلى أن فترة حكم السلطان سليم الأول شهدت إصلاحات عسكرية للقوات البرية، وأخرى للأسطول البحري، كما شهدت البلاد تطور على الصعيدين العلمي والعمراني.