النقد بين الإعلاميين وانفعال المشاهدين
م.أشرف الكرم المصريين بالخارج
لست ادري ما السبب في عدم تدريب وتهيئة وترقية المهارات الذاتية للإعلاميين -الذين يتصدرون المشهد الإعلامي يوميًا- بحيث يكونوا على درجة راقية مطلوبة -بل وملِحّة- من الرقي في الخطاب والتعامل في الحوار، بما يرسل رسائل سلوكية عملية لملايين المشاهدين القابعين خلف الشاشات، ينظرون إلى هؤلاء الإعلاميين من مقدمي البرامج، وبالأخص منهم مقدمي البرامج الحوارية "التوك شو" التي تشد انتباه المشاهدين وتستهويهم، وتدخل ملايين البيوت مخترقة كل الحواجز، ويستقي منها جموعٌ من الناس الكثير من المعرفية والإلمام.
فنحن في ذلك بالفعل نقع بين فكي رحى، أولهما هو عدم مناسبة هؤلاء الإعلاميين لتصدر المشهد الإعلامي -شديد الخطورة- بحيث يكونوا دعائم إيجابية لرسائل يرسلها الوطن إلى أبنائه عبر تلك القنوات بمن فيه من إعلاميين، وعدم قدرتهم على تصدير الأسس الثقافية والأخلاقية في النقد العام الغير متخصص، بحيث يفهم العامة من خلالهم كيف يكون النقد، وما هي متطلباته وواجباته،
وأيضا ليتعرف الناس على وجوب تقبل النقد -حين يكون نقدًا غير جارح ولا مسئ- وكيف ان هذا النقد يُطوّر ويُعدّل المسار.
وثانيهما هو افتقار المشاهدين لتلك الأسس، أسس النقد ووجوب عدم التجاوز في الرد على النقد -حين يكون نقدًا غير مسئ- وعدم جلد الآخر في نقده، بل وقبول ذلك النقد إن كان موضوعيًا يرقى إلى وجوب استلهامه لتطوير النفس والذات.
لكن، ولأن الأول لم يعمل على التكوين الثقافي والأخلاقي المطلوب للثاني، فدومًا نرى تسارع عجلة الانفعال التلقائي لمشاهدي هؤلاء الإعلاميين، بحيث يجلدونهم دون قبول للموضوع النقدي، الذي ألقاه عليهم هذا الإعلامي دون مهنية أو احترافية أو لباقة.
لقد كان من اللازم اللازب على الإعلامي الذي تصدى لموضوع المشكلة السكانية وتشغيل الأطفال، أن تكون لديه اللباقة الحوارية في كيفية توصيل المعلومة الموضوعية دون تعميمٍ بالغ الخطأ، إذ أن التعميم في حد ذاته خطيئة، ودون إغفال لواقع نحتاج لتطويره.
وكان عليه أن يبين الموضوع بنقدٍ لا إساءة للناس فيه، فالإساءة تُخرج النقد من هيئته النقدية إلى ساحات الحقوق والتقاضي.
وعلى جموع المتابعين أن يتريثوا في رد النقد -الغير موفق من الإعلامي- وأن يردوا عليه بما لا يجعلهم مثله في التجاوز، وأن يستفيدوا من النقد -في موضوعه- حيث بالفعل يوجد البعض من الآباء في شتى ربوع مصر وليس في صعيدها أو ريفها فقط، يتناسلون من أجل هدف إلقاء أبنائهم في سوق العمل وحرمانهم من الحق الطبيعي في التعلم والحياة.