شكر الخالق والمخلوق

إن أهم أنواع الشكر هو شكر الخالق عز وجل، فالله الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا بنعم لا تعد ولا تُحصى يستحق أن نشكره وقد أعطانا الله تعالى معادلة رائعة للشكر يقول تعالى:(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152]

و هناك آيات كثيرة تحض على الشكر، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172].

ويذكرنا الله بنعمه وفضله علينا، ولكن معظم الناس غافلون عن الشكر وفوائده، يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) [البقرة: 243].

و عندما نشكر الله تعالى فإن الله سيرزقنا ويزيدنا صحةً و توفيقاً و مالاً ونجاحاً وقوة:
(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)،و يأتي بعد شكر المولى عز و جل شكر الناس الذين أحسنوا إلينا و في هذا قال رسولنا الكريم صلَّ الله عليه وسلم: «لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ» (رواه أحمد وأبو داود والبخاري)

أن من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم، كان من عادته كفران نعمة الله تعالى وترك الشكر له.

و من ناحية أخرى فإن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه، إذا كان العبدُ لا يشكرُ إحسان الناس ويكفر معروفهم.

إن شكر من أحسن إليك مبدأ إسلامي أصيل، يعتبر من مكارم الأخلاق، وإن من أحسن الشكر أن تقول لمن أحسنَ إليك: ”جـــزاك الله خـــيراً“

إن الشكر لمن أحسن إليك يشمل المسلم وغير المسلم أيضاً إذا صنع لك معروفاً، فاشكره بلفظ مناسب لحاله كقولك شكراً، أو أشكرك.

و قد قام العلماء بتجارب كثيرة لدراسة تأثير الشكر على الدماغ ونظام المناعة والعمليات الدقيقة في العقل الباطن، ووجدوا أن للشكر تأثيراً محفزاً لطاقة الدماغ الإيجابية، مما يساعد الإنسان على مزيد من الإبداع وإنجاز الأعمال الجديدة.

إن الاعتراف بالشكر يعتبر في حد ذاته سلوكا حضاريا راقيا ينبغي أن يسود بيننا، ولكن كثيراً ما يضن البعض حتى بكلمة الشكر التي لا تكلفهم شيئاً في مقابل ما يقدم لهم من خدمات، أو نسمع ما يدل على النكران وعدم الاعتراف بالجميل.

أن الشاكر إنسان متحضر يدرك أهمية القيم الإنسانية في حياة الناس وما لها من تأثير كبير في تقوية الروابط الإنسانية بين البشر، وبالتالي في تقدم المجتمع وازدهاره.

إن قوة الشكر كبيرة جداً فأنني أبدأ يومي كلما استيقظت صباحاً بعبارة "الحمد لله" لأنني وجدتها مفيدة جداً وتمنحني طاقة عظيمة! ليس هذا فحسب بل إنني أشكر الله على كل صغيرة وكبيرة وهذا سرّ ما أشعر به من توفيق في حياتي و أنني أقول "الحمد لله" وأكررها مراراً طيلة اليوم.

و يمكننا ان نعبر عن شكرنا بطريقة عملية ايضا و ليس لفظياً فقط ، حيث يمكننا أن ننجز عملاً للآخرين نعبر لهم عن امتنانا لهم. او نساعدهم على قضاء حاجة ما، أو نفرج عنهم هماً، أو نرسم الابتسامة على وجههم، أو ندخل السرور إلى فلولهم و نفس الكلام يكون لأولادنا أو زوجاتنا أو إخوتنا أو والدينا ...

و يجب علينا أن نربي أولادنا على شكر من يُحسن إليهم أو يقوم بمساعدتهم أو يقوم بتعليمهم أو بخدمتهم.. و يجب ان نرسخ الشكر في نفوسهم فنعلمهم كيف يشكرون بعضهم البعض داخل الاسرة و كيف يشكرون والديهم .. فمن شبَ على شيء شاب عليه.

إن شكراً .. كلمة بسيطة لن تكلفك شيء و لكن لها أثر جميل في نفسية من تقولها له .. بل تحفزه لبذل المزيد من الجهد و التضحية احيانا لاجل اسعادك ..

نعم كلمة بسيطة لكنها منسية من قاموس اغلبنا .. فهل نجعل ألسنتنا تتحلى بها و نطلقها لاسعاد من يُحسن إلينا .. و الحمد لله الذي رزقنا أحباء كرام مثلكم .. دعونا نجمل حياتنا بكلمات بسيطة .. شكراً لكم على حسن متابعتكم ..