”وسائل الإعلام” ”وسائل التواصل” ”البقاء للأقوى”
أ. دينا شرف الدين المصريين بالخارج " ده مشهور أوي علي السوشيال ميديا "
"دي نجمة من نجمات التيك توك "
"ده ولا دي ملوك التريند "
جمل كثيرة من هذا القبيل تتردد بالسنوات القليلة الماضية حتي بلغت ذروتها بالعاميين الماضيين ، بعد أن بزغ نجم مشاهير السوشيال ميديا و ما يحققونه من شهرة واسعة و أموال طائلة شريطة أن يعتنقوا عدة مذاهب جديدة أهمها التفاهة و أبرزها الصفاقة و الرزيلة و المتاجرات الرخيصة بالأعراض و الخصوصيات التي نالت حتي من براءة الأطفال.
و الكارثة الأكبر هي هذا الكم الهائل من المنساقين أو كما يسمونهم المتابعين الذين يقدرون بالملايين لهؤلاء الذين شكلوا مرضاً خبيثاً يضرب بكل قيم المجتمع و الدين و الأخلاق عرض الحائط .
و كيف نمنع أبنائنا من الخوض في دهاليز هذا العالم الفاسد الذي استغرق به الكبير قبل الصغير ، دون لحظة تفكير متعقلة أن هذا الإنسياق حتي و إن كان من باب الفضول ما هو إلا ترسيخاً و تمكيناً لهؤلاء المفسدين عن طريق زيادة القاعدة الجماهيرية من المتابعين حتي و إن كانت متابعاتهم و تعليقاتهم كلها سلبية .
فكل ما يعني هذا القطاع المستجد من نجوم العالم الإفتراضي عدد الإعجابات و التعليقات و المشاركات حتي و إن كانت كلها سب و قذف.
فمن ذا الذي يقو علي تقييم أداء هؤلاء ليمنحهم جواز المرور أو المنع لما يشكلونه من خطر داهم علي وعي أجيال ما زال بمرحلة التشكيل ؟
و من الذي يستطيع أن يمنع فلان أو علان من طرح نفسه أو من يتابعونه ليمنعهم عن هذه المتابعة التي تعزز و تقوي شوكة هذه الشرازم السامة بالمجتمع؟
و بما أن من الهموم ما أضحك،
سأروي لكم في عجالة ما يؤكد حجم الكارثة التي نراها و نعلم مدي خطورتها دون حيلة تملكها أيدينا:
" ذات يوم سمعت دون قصد مساعدتي بالمنزل تتشاجر مع أحد علي الهاتف ، وده لأن صوتها عالي جداً،
ثم سألتها ( ايه المشكلة)
فحكت لي أن هناك حرباً متبادلة بين ابنتها و إخوتها علي "الفيز" كما تنطقها لأنها لا تعرف حتي القراءة و الكتابة و كله سماعي، و ما يتم تبادله من شتائم و فضائح و اتهامات تخرب بيوت زي ما بيقولوا "
سمعت قصتها الغريبة لأدرك أن هذه المنصات لم تقتصر فقط علي تضييع الوقت و نشر التفاهات و الشائعات و الرزائل و الإبتزازت ، بل تخطت ذلك لما هو أبشع و أدل سبيلا، إذ أضيف لها أيضاً أوبشن جديد و هو أن تفسح مجالاً للخناقات و التشهير و تبادل العداء و فضح الآخر بما لها من سرعة انتشار و سهولة أداء "
{في حين تلتزم وسائل الإعلام بضوابط و قيود واجب تنفيذها} :
و بالرغم من خطة تطوير الإعلام التي يتم تنفيذها ، لكن هناك هوة شديدة الإتساع بين سرعة و سهولة و قوة جذب وسائل التواصل و بين وسائل الإعلام المختلفة ،
فالخطأ التراجيدي الذي وقعت به منصات الإعلام المسموعة و المرئية و المكتوبة ، هو عدم التطوير سنوات طويلة و عدم طرح ما يناسب جميع الأذواق و جميع الأعمار و جميع المستويات التعليمية و الثقافية مثلما كان بالماضي عندما لم يكن هناك سوي ثلاث قنوات محلية وواحدة فضائية ، ما يزيد علي عشرين عاماً مضت بعد ظهور القنوات الفضائية قد تقلصت نوعية المادة الإعلامية المطروحة لتقتصر علي برامج التوك شو الذي كان ساحة للنزاع و الأصوات المرتفعة تحديداً بعد يناير ٢٠١١ و حتي وقت ليس ببعيد، و كان هذا التراشق و الخلاف الحاد أهم عوامل نجاح مقدم البرنامج ، و النوع الثاني من البرامج للمسابقات و الغناء و الرقص ليس إلا ،
إلي أن تم الإنتباه إلي ما أصاب منظومة الإعلام من هلهلة و تراجع بعد قرارات سيادة الرئيس الذي لا يتم إصلاح شئ إلا إذا تدخل به بنفسه ، و من وقتها بدأت خطة تطوير الإعلام بكل وسائله ،
و لكن :
في غفلة من الزمن و بتوقيت كانت البلاد تعاني أزمات متلاحقة ، تسللت خلسة سموم السوشيال ميديا و تخرج نجومه و نجماته من مدرسة اللاشئ لتزداد سطوته و تتسع قاعدته و تستفحل أضراره عن منافعه ، دون قدرة لوسائل الإعلام علي ملاحقته و استقطاب جماهيره.
نهاية :
أناشد عقلاء هذا الوطن بالحذر ثم الحذر في التعامل مع السوشيال ميديا ، بألا تكون مرآة يري بها الآخرين حياة بعضهم البعض الشخصية ، و ألا يطرح رواد التواصل تفاصيل حياتهم اليومية لحظة بلحظة بأدق خصوصياتها للآخرين مشاعاً ،
فهناك من المتربصين الذين يديرون حسابات وهمية لأشخاص غير موجودين أو حتي منتحلين لشخصيات حقيقية ، يترقبون و يدبرون للحظة الإنقضاض علي الهدف تماماً مثلما ينقض الحيوان المفترس علي فريسته بلحظة ضعف يحددها هو .
كما أناشد الجهات المسؤولة عن تقنين أوضاع استخدام وسائل التواصل المختلفة بتشديد الرقابة علي كل متجاوز و تغليظ العقوبة علي كل مجرم من عصابات الإنترنت .
و أخيراً ، أناشد جميع وسائل الإعلام و أصحاب الرأي و الكلمة و ذوو التأثير ، بضرورة وضع خطة عاجلة لتوعية المواطنين بمخاطر سوء استخدام وسائل التواصل و الإستغراق التام بها و كيفية التعامل بشكل سليم يوفر الحد الأدني للأمان و الإستفادة بمنافعها و تجنب أضرارها التي لا تعد و لا تحصي .
و هذه دعوة مني لجميع الزملاء الأفاضل بالإنضمام لهذه الحملة ، لعلنا نحمي أنفسنا و أهلينا و بني وطننا من شرور لا يعلم مداها الا الله .