د.أميرة البيطار تكتب... زي الشعرة من العجين
راحة البال في سلامة الأفكار .. شدتني وجذبتني عبارة الإمام الشافعي عندما قال : (لم أحقد على أحد فأرحت نفسي من هم العداوات ) تركتهم وشأنهم لم أعد أريد أن أؤلم ذاتي، دائما ماكنت أبحث عن أجوبة لأسئلة تدور بمخيلتي لماذا يحدث ذلك ؟هل كان علي أن أفعل أو لا أفعل ؟ كيف سيكون الأمر إذا فعلت كذا وكذا ؟ الكثير من الأسئلة كنت أحاول أن أصل بها إلى جواب يطفئ غليان البحث في داخلي أو أحاول أن أهدأ أو أطمئن أو أتنفس بعمق كي لا أحترق، ووصلت بنهاية الأمر أن كل شيء مقدر وكل شئ يتدفق كما يجب بحركة منا نحن لاغيرنا، وأن كل شيء يحدث بسلاسة دون أن تتحكم غيه ، ودون أن تحاول أن تضغط على الأمور أن تحدث كما تريد أنفسنا بالعامية نسميها (لا أحد يستطيع أن يأخذ كل شيء )عبارة لم أقتنع بها طيلة حياتي ولكنها الحقيقة المريرة، لأنني وجدت بالنهاية أن كل شيء يحدث بالطريقة التي أنت بحاجة إليها وليس بالتي تريدها، الإنسان وحواره مع النفس وجهان لعملة واحدة ، والجميع يعتقد أنه إذا حصل على الجواب يمكنهم من الاستمرار والراحة ،ومعالجة أنفسهم كي يصِحوا من مرضهم ويتعافوا ،ولكن وجدت أنه ليس لكل الأسئلة إجابات ، فبعض الأشياء يجب أن تحدث وعليك ألا تفكر مجرد التفكير بها ، حتى لا تكسرك أمام نفسك الشامخة ،بل أن تستمر وتعيش وتنجح في حياتك ثم بعد ذلك يتضح لك إما إجابة لسؤالك أو أن لاتجد جوابا له، لن يوفقك من عيش حياتك سواك،فلا تفكر بتلك الطريقة السلبية وعلي وعليك أيضا أن أفهم الموضوع من جميع الجوانب حتى في قرآننا مانهى عن ذلك بقوله تعالى : (ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدى لكم تسؤوكم )، ولتعلم أن مايحدث لك هو غاية ورسالة مكتوبة لك أن تمر بها وعليها، لذا علينا مساعدة أنفسنا بأنفسنا، وخاصة عندما تمتلك وحدك الإجابة ليس غيرك، فتلك الأمور متعلقة بذاتك وحياتك.
أولا عليك ترك الأمور بيد من له الأمور هناك إشارات ورسائل ستأتيك من عند الله على شكل حدس انتبه لها وأعلم أن كل شيء يتضح ويأخذ مكانه المناسب، لا تتألم ولا تيأس فالعلم لله وستعرفه في الوقت المناسب، أما الثانية فعليك التجاوز وعش المرحلة التي تريدها بتفاصيلها ،ومشاعرها وأفكارها ،واستخرج منها أفضل النتائج ستتغير نفسيتك وتتطور، والثالثة دعها فلعل ربك يحدث بعد ذلك أمرا مهما كانت تلك المرحلة التي مررت بها سيخرجك الله منها كما نقول في عرفنا ( زي الشعرة من العجين ) سيأتيك بعدها الخير الكثير ففي كل شر يكمن خير كما قال الإمام "أنس ابن مالك"، اشفي جروحك وندوبك بنفسك توجه لله فقط دون سواه وسيعوضك عن كل شيء فقدته ،وعليك أن تحب نفسك، وتضعها في المكانة التي تستحق دون اذاء او تعدي على الآخرين.
دعني أخبرك أنك حتى لو وجدت الجواب وحصلت عليه فإن ذلك لايغير شيئا لأنك قد تخطيت الأمر كله خيره وشره غضبه وثورته، فأنت قد تخطيت أمورا ولازلت تتخطى الأخرى ،تصالح مع نفسك وأحبها يتصالح معك واقعك.
وإذا تصالح معك الواقع فلن ينهشك ،ولاحتى سيفعل بك التفكير ذلك، تجاوز عن كل مايمكنك التجاوز عنه ،واترك ماليس لك عليه قدرة أو استطاعة .
وختاما .. الحزن لا يجب أن يأخذ منك وقتا حتى لا يرحل أحبابك وليس فقط أحبابك بل وينهش كل حياتك وتجد نفسك تحيا وحيدا ..


















