×
27 جمادى آخر 1447
18 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
البيت الثقافي

الدكتور سعيد شحاتة يكتب : رحلة المؤمن في سلوك المقامات الي الله

المصريين بالخارج

قال تعالي
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر
قال أبو بكر الكتاني ( أن بين العبد وربه ألف مقام من نور وظلمة طوّلت عليه وعليهم، مشيراً إلى أن جميع هذه المقامات تجمعها رتب ثلاثة: الأولى: أخذ القاصد في السير، الثانية دخوله في الغربة، الثالثة: حصوله على المشاهدة الجاذبة إلى عين التوحيد في طريق الفناء، ذاكراً أبنية تلك المقامات التي تشير إلى تمام ذلك

والعمل في رحلة السُلوك لهذه المقامات، هو الأخذ بالبدايات حتى إذا أحكمَهَا وتمكن بالاتَّصَاف بمُقتضاها، وصلت به إلى النهايات، ولا يتمكَّن سيرا إلى النهايات حتى يتخلّص من وظائفه في البدايات، أو يقارب على الخلاص، إذ لكلِّ مقامٍ من هذه المقامات بداية وتمكين ونهاية.

قلتُ : المُرادُ بالتَّمكين : التَّمكين من السَّيْرٍ. فبِداية الإسلام التَّوبة وتمكينُ الاستقامة، ونهايتها التَّقوى.
قال تعالي (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا
قلتُ : قد تقدَّم لنا عكس هذا الترتيب، لأن الاستقامة أدقُّ وأصعبُ من التَّقوى، فهي النهاية، والله تعالى أعلم. وبداية الإيمان الإخلاصُ، وتمْكينُهُ : الصِّدْقُ. ونهايته الطُّمأنينة. بدايةُ الإحسان المُراقبة. وتمكينه : المشاهدة. ونِهايتهُ : المَعْرِفة.

قلتُ : وما سلكَهُ الساحِلي رحمه الله من جَعل مقام المُراقبة، داخلاً في مقامِ الإحسان هو الموافق لتفسير النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : "أن تَعْبُدَ الله كأنَّكَ تراهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ ف‘نَّهُ يَراك"، على تفسير البعض، أي فإن لم تكن ممَّن يعبُدُ الله كأنَّهُ يراهُ، فكُن ممَّن يعبُدُ الله كأنَّ الله يَراهُ، وهي المراقبة.

اقرأ أيضاً

وقال بعض أشياخنا : كُلُّ مَن يُكْشفُ عنه الحِجابُ، فهو من مقام الإيمانِ، ولا يترقَّى إلى مقام الإحسان حتَّي يُكشف عنه حِجابُ الوَهْم والحسِّ. فعلى هذا يكون بداية مقام الإحسانِ الاستشراف على الفناءِ، ووسطُهُ تحقيق الفَناءِ. ونهايتُهُ : الرُّجُوع إلى البقاء، وهي المعرفة الكاملَة، والله تعالى أعلم.
فأمّا منازلُ الإيمان، فهي ثلاثةٌ :

أوَّلُهَا : الإخلاصُ، وهو إخراج الخَلق من مُعاملةِ الحقِّ. وهو على ثلاثة دَرَجات : إخلاصُ العوامِ؛ وهو العَمَلُ لله بقَصْدِ الثَّوابِ، ودَفْعِ العقاب، دُنْيَا وأُخرَى. وإخلاصُ الخواصِّ، هو العملُ لله على صفة المحبَّةِ والإجلالِ. وإخلاصُ خواصِّ الخواصِّ وهو العملُ بالله على صفة الأدَبِ، وإظهار ذل العبودية.

وثانيها : الصِّدْقُ، وليس المرادُ به هنا صِدْقُ اللِّسان فقط، وإنَّما المُرادُ صِدْقُ الجَنَانِ بتصفية مَنبع التَّوحيد، في مُعاملةِ الله الوَاحدِ الحقِّ. وذلكَ بِتركِ الحُظُوظِ الدنيوية من القلب واللُّحوظِ المادية، والفرق بين الإخلاصِ والصِّدق، أن الإخلاص يختصُّ بنفي صفاتِ الإشراكِ، والصِّدْق يختصُّ بنَفْي صفاتِ النِّفاقِ.

و قال بعض العارفين : الصِّدقُ عمادُ طريق السَّالكين، وبابُ حَضْرَة العارفين. قال : وإن كان الإخلاص عبارة عن تصحيح التَّوحيد بالتَّنزُّه عن دَناءَات الشِّرْكِ فالصِّدقُ له بمنزلة التَّصفية للذَّهب، ينْفي عنه خبث النِّفاق، ويُصفِّيهِ من كَدُوراتِ الأوهامِ، وذلكَ أنَّ الإخلاص لا يَخلُو من مُداهَنةِ النَّفْسِ، ومُسامَحة الهَوَى، والصِّدقُ يُذْهِبُ المُداهنات، ويرفعُ المُسامحات، إذ لا يَشُمُّ رَائحة الصِّدق مَنْ دَاهَنَ نفسَهُ أو غيرَه، فيمَا خفي اوظهر، وعلامته اسْتوَاءُ السِّرِّ والعلانيَّة بحيثُ لا يَسْتَحْيِي من شَرِّهِ ولَو كُشفَ لجميع الخَلْقِ ولا يُبالي بسُقوطه عن عَيْنِ الخَلْقِ فقد استوَى عنده المَدْحُ والذَّمُّ والعِزُّ والذُّلُّ.
والصِّدقُ على ثلاثة طبقات : صِدقُ أهل البدايات، والوسط، صدق أهل النهايات. فأما صِدق أهل البدايات، فهو ترك الحُظوظِ العاجلَةِ والآجِلة في مُعاملَةِ الحقّ، وهذا هو الصِّدق في العُبودية. وأما صدق أهل الوَسَطِ، من السَّائرون الي الله، فهو ترْك اللُّحُظ والالتفات إلى غير المَحْبُوبِ. وأمَّا صِدْقُ أهلِ النِّهايات فهوَ رَفْضُ رُؤْيَة السِّوى بتحقيق توحيد الله الولي، فالظاهر عبودية والباطن حرية .

وثالثها : الطُّمَأنينَة؛ وهي سُكُون القلب عند التقلُّب والاضطراب إلى برودة النَّفسِ وشُهُودِ مُسَبِّبِ الأسباب، وهو على ثلاثة طبقات : طُمَأنينة ذِكْرِ، وطُمَأنينة قُرْبِ، وطُمَأْنِينة شُهودٍ. ثم طُمأنينة ذكرٍ، هو طُمأنينة القلب بذِكرِ الله، وهو ناشئٌ عن شُهُود توحيد الأفعالِ. قال تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:28]. وطُمأنينة قُرْبٍ، هو تحقيق المُراقبة من القلبِ بالأُنْسِ من القرب الي الحبيب. ومناجاة القَريب، وهو ناشئٌ عن شُهودِ توحيد الصِّفات. وطُمأنينة شُهودٍ، وهو لأهل التَّمكين، والرُّسوخ في اليقين، وهو ناشئٌ عن تحقيق الذَّاتِ.
كان من مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اني اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمُعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك[1]، هذا الحديث أخرجه الإمامُ مسلمٌ

الدكتور سعيد شحاتة يكتب رحلة المؤمن في سلوك المقامات الي الله

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الخميس 01:13 صـ
27 جمادى آخر 1447 هـ 18 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:12
الشروق 06:45
الظهر 11:51
العصر 14:39
المغرب 16:58
العشاء 18:21